فرعون الذين هم آله بجدب (وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ) فلم تثمر أشجارهم (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) أي بأمل أن يتذّكّروا ويتفكروا ويعودوا إلى الحق ، فإن الشدة تجعل القلب رقيقا يرغب فيما عند الله تعالى ويرجو لطفه ورحمته ، وهذا من باب قوله عزّ من قائل : وإذا مسّه الشرّ فذو دعاء عريض. فالله سبحانه رؤف بعباده يريد منهم التذكّر والرجوع إليه ليصرف البلاء برحمته.
١٣١ ـ (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ ...) أي أن بني إسرائيل كانوا إذا جاءتهم النّعمة والخير والسلامة والتوفيق قالوا إننا أهل لذلك لأن النعم والسلامة تأتياننا من تعبنا وعنايتنا وشغلنا ، فهم ـ إذا ـ لا يعلمون أن ذلك من الله تبارك وتعالى فيشكرونه ويحمدونه (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) تحلّ بهم بلية أو ضيق أو جوع (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) يعني : يتطيّروا ، وقد أدغمت التاء في الطاء. ومعناه : يتشاءمون بموسى وأتباعه ويرون أنهم هم سبب البؤس والشر المحيق بهم (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) أي أن التشاؤم الذي ابتلوا به هو نذير لهم من عند الله ينبّههم به إلى ما وعدهم من عذاب الآخرة ، فلو كانوا يعقلون للجأوا إلى الله وطلبوا منه الخير والسلامة (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) لا يعرفون حقيقة ذلك ليثوبوا ويتوبوا. ولفظة : طائر ، مشتقة من الطير ، وطائر الإنسان عمله وفيه قوله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ). وقد أخذ ذلك من أن العرب كانت تزجر الطير فتتشاءم بالطائر الذي يأتي من الشّمال ، وتتبرّك بالطائر الذي يأتي من جهة اليمين.
١٣٢ ـ (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ ...) أي : قال آل فرعون لموسى (ع) : إنّ أيّة آية تجيئنا بها لتصرفنا عن دين فرعون و (لِتَسْحَرَنا بِها) وتموّه علينا بها (فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) فلسنا نصدّقك ولا نؤمن بدعوتك ولا بالدين الذي جئت به. وهذا إصرار منهم على الكفر والعناد ، ولذلك قال سبحانه بعد تمام الحجة عليهم :