آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (١٢٦))
١٢٣ ـ (قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ...) بعد إيمان السحرة وسجودهم وإعلان إسلامهم قال فرعون مستهجنا ومهدّدا : آمنتم : أي أقررتم وسلّمتم له بالصدق (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) يعني قبل أن أسمح لكم بالإيمان وأرخّصكم أو آمركم به؟ وقد قرأ حفص عن عاصم : آمنتم بهمزة واحدة بناء على الخبر ، أي أنه يخبرهم بإيمانهم على وجه التقريع والإنكار. والباقون قرءوها بهمزتين بناء على الاستفهام. أي على جهة التقريع أيضا لكن مع الاستفهام الإنكاري ... وقد استأنف فرعون الكلام بعد أن قرّع وأنكر وثار غضبه ، ثم هدأ روعه ، فقال مقرّرا : (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ) أي خدعة صنعتموها ، وحيلة ابتدعتموها (فِي الْمَدِينَةِ) في عاصمة ملكي (لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها) لتطردوهم منها بسحركم ومكركم. وقد استعمل فرعون هذه الطريقة من استفزاز قومه وتحريك مشاعرهم ، فأخذ يوم الناس أن السحرة تواطأوا مع موسى وهارون لينتزعوا منهم ملكهم وأرضهم ، وأن إيمان السحرة ما كان عن علم ويقين ، بل عن مؤامرة مبيّتة للاستيلاء على مصر بعد إخراج أهلها منها (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) أيها السحرة كيف تكون نهايتكم عندي وكيف أصنع بكم بعد هذا المكر الذي مكرتموه! ..
١٢٤ ـ (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ...) إنه يؤكّد باللّام والنون مقسما يمينا بأنه سيقطّع أيدي السحرة وأرجلهم من خلاف : يعني أنه يقطع من واحد يده اليمنى ورجله اليسرى ، ويقطع من الثاني يده اليسرى ورجله اليمنى ، وهكذا ، ثم لم يكتف بذلك بل أقسم : (ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) أي أصلبكم واحدا واحدا بعد تقطيع الأيدي والأرجل ، فأقيم الواحد على خشبة وأدق المسامير في يديه مفتوح الذراعين ، وفي صدره ، وفي رجليه وهو حيّ ، ليموت وهو على خشبته