أي تهدّدونه وتخوّفونه بالقتل إن هو آمن بشعيب (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ) يعني تمنعون الناس من الإيمان بشعيب وبالله تعالى واتّباع طريق دينه الذي شرعه للناس (وَتَبْغُونَها عِوَجاً) أي تريدونها عوجاء غير مستقيمة. فالهاء في : تبغونها ، راجعة للسبيل التي يحبونها منحرفة عن الحق بقولهم هذا كذب ، هذا سحر ، هذا باطل ملتمسين الزّيع عن جادة الهدى (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) أي زاد عددكم بالتوالد. قال ابن عباس : إن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت حتى كثر أولادها. وقيل يمكن أن يكون معناه ، جعلكم أغنياء بعد فقر ، أو ذوي قدرة بعد ضعف ، فاذكروا ذلك (وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) فتأمّلوا وفكّروا كيف كانت نهاية أمر قوم عاد وثمود ولوط وغيرهم فقد حلّ بهم عذاب وتدمير ومطر من حجارة من سجّيل.
* * *
(وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٧))
٨٧ ـ (وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ...) أي : وإن آمنت جماعة منكم بما جئت به وصدقوا قولي ورسالتي (فَاصْبِرُوا) أيها المكذّبون وأيها المصدّقون ، وتريّثوا (حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا) ويجزي كل فريق بما يستحقه على فعله ، في الدنيا قبل الآخرة ، فلا تذهب بكم المذاهب لتفرّق الناس عني لأن العاقبة للمؤمنين (وَ) الله (هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) إذ لا يجوز عليه أن يجور ولا أن يحابي أو يراعي في حكم. وفي هذه الشريفة وعيد ظاهر. فكأنه عليهالسلام قد شكا أمره معهم إلى الله تعالى ، ودعاهم إلى الكفّ عن مخاصمته والصدّ عن دينه ، ولذلك ردّ المستكبرون عليه بما يلي :
* * *