٨٢ ـ (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ...) يعني حين أنكر لوط (ع) على قومه فعلهم الشنيع وبيّن لهم إسرافهم في الظلم لارتكابهم القبيح ، لم يجيبوه على كلامه ، ولا حفلوا بما قاله لهم ، وما كان منهم إلّا أن قالوا : (أَخْرِجُوهُمْ) أي آل لوط ، اطردوهم وانفوهم (مِنْ قَرْيَتِكُمْ) بلدتكم (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) أي يأنفون من ارتكاب المنكر ، ويتحرجون من تدنيس أنفسهم بإتيان الرجال في أدبارهم. ويلاحظ أنهم قد مدحوا لوطا (ع) وأهل بيته من حيث أرادوا ذمّهم ، فقد نعتوهم بالتطهير ونزّهوهم عن أفعالهم القبيحة.
٨٣ ـ (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ ...) أي فخلّصناه ، يعني لوطا خلّصه الله تعالى من الهلاك ، وخلّص أهله : يعني عائلته ، باستثناء امرأته : ما عدا زوجته التي (كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) أي من الماضين الذين تخلّفوا مع قوم لوط ولفّها الهلاك بالعذاب وطواها الفناء مع قومها. وقد كانت من الغابرين لتخلّفها عن لوط حتى هلكت في من هلك ، ذلك أنها كانت على دين قومها ولم تؤمن بدعوة لوط.
٨٤ ـ (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً ...) أي أنزل عليهم مطرا لا كالمطر الذي نعهده ، بل أمطرهم حجارة من السماء ـ والعياذ بالله ـ بعد أن خسف بهم مدائنهم. وقد قال سبحانه في آية أخرى : وأمطرنا عليهم حجارة من سجّيل (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) فتأمّل وتفكّر وأجل نظرك : كيف يكون مصير الذين يرتكبون الجرائم ويقترفون السيئات. وبعبارة أخرى : انظر بعين عقلك كيف تكون نهاية المجرمين : فمن عذاب في الدنيا ، إلى خلود في النار في الآخرة.
والحاصل أن لوطا (ع) كان ابن هاران بن تارخ ابن أخي إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وقيل ابن خالته وأن سارة امرأة إبراهيم هي أخته. وقد بقي في قومه ثلاثين سنة يدعوهم إلى الطاعات وينهاهم عن المعاصي والفواحش فلم يسمعوا منه ولا أجابوه إلى شيء كفرا وعنادا.