يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) يعني لا يصيرون إلى الجنة إلا حين يدخل البعير في ثقب الإبرة ، يعني أنهم لا يدخلونها أبدا لأن ذلك مستحيل كاستحالة دخول الجمل الضخم في ثقب الإبرة الصغير. وهذا مثل يشبه ما تقوله العرب في التبعيد للشيء واستحالته كقول الشاعر :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي |
|
وصار القار كاللّبن الحليب |
والغراب لا يشيب والقار الأسود لا يصير أبيض كالحليب ... (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) أي وبهذا الشكل نجزي المجرمين الذين يكذّبون بآياتنا ... وتصويرا لبعض ما يكون عليه عذابهم قال سبحانه وتعالى :
٤١ ـ (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ ...) أي أنهم يكون لهم في جهنم مهاد : يعني فراش خاص بهم يضطجعون عليه كما ينام الطفل في مهده الخاص به (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) أي أغطية من فوقهم تغشّيهم كاللّحف التي يتغطّون بها ، وهذا يعني أن النار تحيط بهم من الأعلى والأسفل ، وذلك مثل قوله تعالى عن الكافرين : لهم من فوقهم ظلل ، من النار (وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بأن أشركوا واتّخذوا من دون الله إلها كما قال ابن عباس.
* * *
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣))