ظهر خسرانه وخذلانه .. (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) أي رجحت حسناته على سيئاته. وقد جمع الموازين لأنه يجوز أن يكون لكل نوع من الطاعات ميزان بدليل ما جاء في الخبر الشريف من : أن الصلاة ميزان فمن وفي استوفى (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي الناجحون الفائزون بالثواب.
٩ ـ (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ...) أي الذين تخفّ موازينهم فتثقل كفة سيّئاتهم فإنهم يخسرون باستحقاقهم لعذاب الأبد الذي لا تنقضي مدته والخسران ذهاب رأس المال ، والنفس من أعظم رأس المال يخسرها من أهلكها. (بِما) أي بسبب أنهم (كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) أي بجحودهم وكفرهم بما جاء به محمد (ص) من حججنا ودلائلنا.
* * *
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (١٠) وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) قالَ ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢) قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣))
١٠ ـ (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ...) ثم أخذ سبحانه وتعالى يذكر نعمه على البشر فعدّ التمكين في الأرض. والتمكين هو إعطاء ما يصح به الفعل مع رفع المنع ، فإن الفعل يحتاج إلى القدرة وإلى الآلة والدلالة والسبب وارتفاع المنع عن القيام به. فقد مكنّاكم في الأرض على هذا