ما يراه لصلاح عباده ، ووفق حكمته فيهم ، ولكن اليهود كفرة متجاسرون على الله جلّ وعلا وعليك يا محمد (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً) أي اعلم أن الآيات تنزل عليك من عند ربّك ، هي موجبة لمزيد طغيان اليهود وكفرهم لأنهم أهل حقد على الحق وكره لما ننزله عليك لؤما منهم وحسدا ، فهم أعداؤك الحقيقيون ، وَقد (أَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) فهم لا يجتمعون على أمر واحد ، وليسوا سبطا واحدا ولا أمة واحدة ، ولن ترتفع العداوة بينهم إلى أبد الآبدين ، ولذا كتبنا في سابق علمنا وقضينا بأنهم (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) أي أننالهم بالمرصاد ، وفي أي حين وفي أي مكان يشعلون فيه نارا للحرب والفساد والعدوان بينهم وبين المسلمين فإن الله سبحانه يخمدها بمنّه ولطفه بالمسلمين ، ويخذلهم ويدمر عدوانهم ويرغم أنوفهم ويردهم خاسئين خاسرين. فأين بنو قريضة ، وبنو النضير ، وأهل خيبر وغيرهم في سابق الزمان ، وأين اعتداءات اليهود في أيامنا التي ما إن تذرّ قرنها حتى يضربهم الله على قرنهم ويكسر شوكتهم ويطفئ نار حقدهم حتى لا يعيشوا يوما واحدا إلّا خائفين مرعوبين حتى يدمّرهم ويقوّض بنيانهم سيف صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه. وَهم دائما وأبدا (يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) أي يعملون ويدأبون على نشر الفساد ويجدّون في إذاعته وإشاعته ، وأكبر دليل هو جملة ما يفعلونه معك يا محمد بن إفساد أمرك في ترويج الدين وإعلاء كلمة رب العالمين ، وأقلّها محو ذكرك من كتبهم (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) بل يكرههم ويعاقبهم أشد عقاب وسيجزيهم أسوأ جزاء.
* * *
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ