تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (٦٦))
٦٥ ـ (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا ..) الكلام الضمنيّ يدل على أهل الكتابين : التوراة والإنجيل ، لأنهم هم الذين كانوا في عصر النبيّ صلىاللهعليهوآله في الجزيرة العربية ومن حولها. فهؤلاء لو آمنوا : أي صدّقوا برسالة النبيّ (ص) وبما جاء به من عند ربّه تعالى من القرآن والسنن ، واتّقوا : أي أطاعوا الله ولم يعصوه وأحسن ما قيل في التقوى : أن يطاع الله ولا يعصى ، وأن يشكر ولا يكفر ، ويذكر ولا ينسى كما روي عن مولانا وإمامنا الصادقعليهالسلام .. فلو أن الكتابيّين فعلوا ذلك (لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) أي سترنا عنهم ذنوبهم وتجاوزنا عنها ومحوناها ، فلا نؤاخذهم عليها لأن الإسلام يجبّ ما قبله ، ولأن الايمان يطهرهم ويجعلهم أهلا للمغفرة (وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) بعدلنا ورحمتنا.
٦٦ ـ (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ..) أي لو أنهم عملوا بهما وبما فيهما من أحكام (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) من الكتب التي سبقتهم ، ومن كتابيهم ، ومن القرآن العظيم ، فلو كانوا يعملون بما هو محل ابتلائهم من الإيمان بالله ورسوله وبالولاية التي هي المكملة للدين والإيمان لكل بشر على وجه الأرض كما روى عن الأئمة الهداة الأطهار ، يقول سبحانه : لو فعلوا ذلك (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) يعني : لوسّع الله عليهم الرزق ولأفاضه عليهم من جميع جوانبهم ولشملتهم البركات والرحمة. ذاك أن مناشئ الرزق عمدتها من السماء ـ من فوقهم ـ ومن الأرض ـ من تحت أرجلهم ـ فاختصّتا بالذكر مع العلم أن الرزق يأتي من جوانب أخر بالعرض والمجاز ، وكل ما بالعرض والمجاز ينتهي إلى ما بالذات. وهكذا قال القمي : من فوقهم المطر ، ومن تحت أرجلهم النبات. وهؤلاء الكتابيون (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) أي معتدلة لا تغالي في الكفر والعناد بل بحثت عن الحقيقة ،