هي وظيفة الرّباني في كل زمان وكل مكان ، ونعوذ بالله من تقصير العلماء الذين يوردهم ويورد الجهلاء معهم موارد الهلكة ، ولذا كرّر عزّ اسمه ذمّهم وذم عملهم وقال ثانية : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) كتأكيد لسوء عمل أولئك الأحبار الذين تركوا وظيفتهم وعملوا بعكسها.
وفي الآية الكريمة نكتة لطيفة ، وهي أن الصّنع هو العمل مع الإشعار بالجودة والحسن ، فيقال : صنع فلان لفلان ، إذا أحسن إليه وقدّم له صنيعا جميلا ، والله تعالى يهزأ بربّانييهم بقوله : لبئس ما كانوا يصنعون ، لأنهم أساؤا لقومهم بدل أن يحسنوا .. أما الفرق بين الربّانيّ والحبر ، فهو أن الربّاني هو العالم العامل المرشد لغيره ، في حين أن الحبر هو العالم المتبحّر في العلم فقط. أما الراهب فهو العابد المنعزل عن الناس في عصر عيسى عليهالسلام. وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : إنما قيل للفقيه ربّاني ، لأنه يربّ العلم أي يقوّمه. وفي الكشاف : الربّاني : يعني شديد التمسك بدين الله وطاعته ، وهو العالم الكامل في العلم والعمل.
* * *
(وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤))
٦٤ ـ (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ..) قيل : إن غلّ اليد كناية عن البخل والإمساك وبسطها كناية عن الجود والبذل. وقد قال سبحانه : (وَلا تَجْعَلْ