كعبد الله بن أبي وأمثاله الذين أظهروا الإسلام باللسان وكتموا كفرهم ونفاقهم ، وكانوا يقولون لكم إذا حضروا عندكم آمنّا «و» حالة كونهم (قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ) واعتنقوه وأشربته قلوبهم (وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا) حين أتوكم (بِهِ) فلا يؤثر فيهم ما سمعوا منك يا محمد من المواعظ والنصائح ، ولا استفادوا من تشرفهم بحضرتك شيئا لأنهم يكتمون الكفر والنفاق (وَاللهُ أَعْلَمُ) وأعرف منك ومن جميع الناس (بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) من خبث طينتهم وسوء سريرتهم .. والفرق بين الإثم والعدوان أن الإثم هو الجرم الذي يكون مع النفس أو مع الغير ، أما العدوان فهو الاعتداء على الغير دائما.
ولا يخفي ما تطوي هذه الآية الشريفة من تهديد ووعيد لهم شديدين لأنهم دخلوا كافرين وخرجوا كافرين.
٦٢ ـ (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ ..) الواو : للحاليّة هنا ، فأنت ـ يا محمد ـ ترى أكثر اليهود يتهافتون على الإثم ويتسارعون إلى ارتكاب الذنوب مثل قولهم : عزير بن الله «و» يتراكضون إلى (الْعُدْوانِ) على الناس وارتكاب ما لا يرضى الله من الجرائم وما لا يرضاه رسوله من التعدي على حدود الله تعالى التي رسمها في شرعه. فهم معروفون بمسارعتهم للإثم والعدوان (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) أي أموال الناس بغير رضاهم كالرشوة والسرقة والرّبا ، ولذلك ذمهّم سبحانه بقوله : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) فعملهم ذاك بئس العمل ، وقبحا وسوءا لما كانوا يسارعون فيه.
٦٣ ـ (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ ..) كلمة : لو لا ، إذا دخلت على المضارع تفيد التحضيض والتأكيد في مدخوله. والتحضيض هو الحرص على الشيء والحمل عليه كما فيما نحن فيه. فهو سبحانه وتعالى يحرّض ويحمل الربّانيين أي علماء اليهود وأحبارهم على نهي اليهود ومنعهم (عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ) وتكلمهم في كل ما فيه معصية وذنب (وَ) عن (أَكْلِهِمُ السُّحْتَ) وهو كل مال حرام ، وبنفس الوقت يذمّ سبحانه أولئك العلماء المقصّرين المزوّرين لأنهم لا يزاولون وظيفتهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي