فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (٤٩) أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠))
٤٦ ـ (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ...) يعني وأتبعنا على آثار النبيّين ـ وهي من اقتفى أثره : أي سار على الطريق التي سلكها سلفه ـ فقد أمضى الله سبحانه وسيّر عيسى بن مريم على آثار رسله ، وبعثه (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أي مؤيدا لما سبقه (مِنَ التَّوْراةِ) كتاب اليهود (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ) أعطينا عيسى عليهالسلام كتابه السماوي الذي (فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) كبقية الكتب السماوية يهدي الناس إلى الحق وينير لهم طريق رشادهم «و» قد جعلنا إنجيله (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ) كما أن عيسى (ع) صدّقها وأثبت ما فيها من أحكام. وقد كرر سبحانه العبارة لأنه تحدث مرة عن عيسى (ع) وأخرى عن الإنجيل الذي أنزله عليه «و» جعل فيه (هُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) يهتدي به الناس ويستفيدون من مواعظه وآياته وبيّناته. أما الملاك في تخصيص المتقين بالذكر مع عموم الموعظة لسائر الناس ، فلأن المتقين واجدون لجميع الصفات الكماليّة ، ومرتبتهم أعلى وأنبل من مراتب غيرهم من المؤمنين. ذاك أن العبد المتقي هو المتورع عن محارم الله تعالى