القاتل المعتدي قصاص مثبت في التوراة. فالنّفس المحترمة تقتل بالنفس المحترمة (وَالْعَيْنَ) إذا فقئت عدوانا ، تفدى (بِالْعَيْنِ) أي عين الجاني «و» كذلك (الْأَنْفَ) يفدى بالأنف حين جدعه ظلما (وَالْأُذُنَ) التي تشرط أو تجتذّ (بِالْأُذُنِ) يفعل بها ما فعل بغيرها فتقلع إذا قلعت (وَالْجُرُوحَ) إذا حصلت ظلما فهي (قِصاصٌ) أي ذات قصاص ينظر بشأنه أهل الحكم ويقدّرون أرشه أو جزاءه (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ) أي عفا وتنازل عن حقه صدقة على الجاني وقربة إلى الله تعالى (فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) أي صدقة عنه وتكفير لذنوبه. وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : يكفّر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا من جراح غيره (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) من القصاص أو العفو ، وكما أمر الله في هذه الأمور (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لأنفسهم ولغيرهم ، وهم بحكم الجبت والطاغوت لأنهم غووا وأغووا غيرهم وحادوا عن حكم الله عزوجل. أما الوجه في إتيان اسم الإشارة : أولئك : بصيغة الجمع ، فإنه لكون المرجع ـ وهو : من ـ مفرد أشرب في معناه معنى الجمع. فكل جملة مصدّرة بمثل هذا الاسم الموصول ، أو بكل ، يمكن أن تتضمّن المعنى الجمعيّ فيشار إليها بلفظ يدل على الجمع ، كما فيما نحن فيه.
* * *
(وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤٧) وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ