قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥))
٤٤ ـ (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ ..) يؤكد سبحانه أن في التوراة ما يهدي الناس إلى الحق ، وما ينير لهم طريق الرشاد ، مثلها مثل القرآن الكريم بالنسبة لكفالة ما يحفظ البشر من الضلال والحكم بهوى النفوس ، فمن تمسك به نجا من الهلكة ومن تركه هلك. وهكذا التوراة التي أنزلها الله فإنها كان (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) أي أنبياء بني إسرائيل ومن أسلم على أيديهم واهتدى بهداهم. والمراد بهم موسى ومن بعده عليهمالسلام كانوا يحكمون بالتوراة (لِلَّذِينَ هادُوا) أي لليهود المصدّقين بالله وأنبيائه. «و» كذلك (الرَّبَّانِيُّونَ) أي الروحانيون (وَالْأَحْبارُ) الرؤساء الدينيون ـ جميعهم كانوا يحكمون (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ) أي بما كانوا متعاهدين بحفظه من التوراة التي أنزلها الله كتابا إلهيا (وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) أي شاهدين على تطبيق أحكامه ، وعلى عمل الناس بأوامره ونواهيه .. (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ) أيها الكهنة والرؤساء فلا تخافوا الناس (وَاخْشَوْنِي) خافوا جانبي وقدرتي فإن القوة بيدي لا بيد غيري ، فقولوا الحق ولو على أنفسكم. وواضح أنه سبحانه يخاطب هنا علماء اليهود الذين كانوا يحرّفون ما في التوراة ويأخذون الرّشى ويحكمون بغير ما أنزل الله تعالى ، وهو ينهاهم عن ذلك ويأمرهم بأن لا يغيّروا ولا يبدّلوا لقاء خوف الناس ولقاء الثمن البخس الذي يقبضونه قائلا : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) أي لا تبيعوها بالثمن الزهيد عنادا وجهلا ، لأن آياتي لا يقابلها ثمن عند أهلها ، فاحكموا على طبقها (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) وغيّر وبدّل حسب هواه (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) وفي الكافي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : من حكم بدرهمين بحكم جور ، ثم أجبر عليه كان من أهل هذه الآية.
٤٥ ـ (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ..) أي أثبتنا وقضينا ، وألزمنا اليهود بما فيها ، من أن من قتل نفسا محترمة بغير جرم موجب للقتل فلا بدّ من قتله لأن قتل