الجوارح المعلّمة التي إذا أمرتها تأتمر وإذا زجرتها تنزجر ، سواء وصل الصيد إليكم حيا أو ميتا بشروط ذكرها الشارع في باب الصيد ، إلّا إذا لم تمسكه هذه الكلاب بل أخذته وأكلت بعضه وأبقت الباقي فان الباقي حرام لأنه داخل تحت حكم : وما أكل السبع. ومن أهل السّنة من يقول بحلّيته إذا سمّى عليه ، والحق أنه حرام قرأ عليه التسمية أم لا ، فإن نصّ الآية يشترط الإمساك أي الإبقاء عليه وحمله إليكم ، فكيف إذا أكل بعضه؟ إن الكلب في هذه الحالة لا يكون معلّما ولا يجوز الاصطياد بواسطته ، فما أخذه غير حلال إلا إذا لم يخنقه وأوصله حيا ولم يمت بين فكّيه فيذبحه الصياد حينئذ ويذكّيه بالذبح لا بحمل الكلب المعلّم وإمساكه ، لأن الكلب المربّى تربية صالحة للصيد لا يأكل صيده في حال ، بل يمسكه ويحمله إلى صاحبه ولو بعدت المسافة بينهما وطالت مدة نقله إليه. وهذه الصفة هي بالحقيقة ميزة الكلب المعلّم.
فما أمسك هذا الكلب المعلّم على صاحبه من الصيد حلال لصاحبه بشرط ذكره سبحانه بقوله : (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) أي اذكروا اسم الله حين ترسلون الكلب لجلب الطريدة وتطلقون النار لصيدها. فقولوا : بسم الله حتى يصدق أنكم ذكرتم اسمه عزوجل لتتاح لكم الحلّية بالكيفية التي ذكرناها دون غيرها. وفي القمى عن الصادق عليهالسلام ، أنه سئل عن صيد البزاة والصّقور والفهود والكلاب فقال (ع) : لا تأكل إلّا ما ذكّيت ، إلّا الكلاب. قيل : فإن قتله؟ قال : كل ، فإن الله يقول : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) ، وقرأ الآية إلى قوله : عليكم ، ثم قال : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ). ثم قال : كلّ شيء من السّباع يمسك الصيد على نفسه إلّا الكلاب المعلّمة فإنها تمسك على صاحبها ، وقال : إذا أرسلت الكلب المعلّم فاذكر اسم الله عليه فهو ذكاته ..
(وَاتَّقُوا اللهَ) أي تجنّبوا مخالفته في هذا الموضوع وانتهوا عما نهى عنه واعملوا بما أمركم به (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي حساب أعمال عباده وأقوالهم. وجزاؤها إمّا ثواب أو عقاب يتم بأسرع ما يكون وبشكل يخرج