عن قوة تصوّرنا يوم تجد كلّ نفس ما عملت محضرا ، ولا حول ولا قوة إلّا به تعالى ...
٥ ـ (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ..) أراد سبحانه بكلمة : اليوم ، الزمان الحاضر ، أي الوقت الذي نزلت فيه الآية الشريفة وما يتصل به إلى يوم لقائه لأن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة. فسائر أحكامه لا تنسخ إذ شريعته أبدية فهو خاتم النبيّين ولا نبيّ بعده يجيء بشرع يخالف شرعه لا بتمامه ولا ببعضه. فمنذ ذلك اليوم وإلى يوم القيامة أحلّت لكم الطيبات أي جميع ما يستطاب وجميع الملاذّ التي لم يردع عنها الشارع الأقدس ولا منع الاستفادة بها بأي نحو من الأنحاء ، ولم تستخبثها الطباع السليمة. أحلّت هي (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى والمجوس على فرض أنهم أصحاب كتاب. واختلف في الطعام ما هو وما المراد به؟ ... أما معناه اللغوي بشكل عام ، فهو ما يؤكل. أي كل ما يحتاج إلى الأكل. ولكن الامام الصادق عليهالسلام ـ كما في المجمع ـ قال : هو مختصّ بالحبوب وما لا يحتاج فيه إلى تذكية .. ونحن واللغة وظاهر الآية الشريفة ـ لو لا هذه الرواية ـ نحكم بحلّية مطلق الأكل نظرا إلى ظاهر الآية واللغة. وأما ما ورد في بعض الروايات من النهي عن ذبائحهم معلّلا بعدم ذكر اسم الله عليها ، فعلى فرض صحة الرواية لا بد من تخصيص عموم طعام الكتابي بالبقول والحبوب والفواكه دون اللحوم لعدم التسمية ، وذكاة اللحم بالتسمية. ولذلك قد ورد في بعض الروايات أنه إن أتاك رجل مسلم فأخبرك أنهم سمّوا فكل. وفي بعض آخر لا تأكله ولا تتركه ، وتقول إنه حرام ، لكن تتركه تنزها عنه فإنهم يضعون في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير وغيرهما من النجاسات والخبائث ..
ويستفاد من هذه الروايات مسألة مهمة ، وهي طهارة أهل الكتاب ذاتا ، ونجاستهم عرضا لأنهم لا يحترزون من النجاسات. فطعامهم مما