الفيل والقرد ، فقال : ليس هذا من بهيمة الأنعام التي تؤكل .. وفي قوله هذا سلام الله عليه احتمالان : فهل يمكن أن يكون قد أراد الأجنّة ، أو نفس الأنعام؟ ونقول : لا مانع من أن يراد من الشريفة أن البهيمة أعم من نفس الأنعام وأجنّتها.
فقد أحلّ سبحانه للمؤمنين أكل البهيمة من الأنعام واستثنى منها بقوله : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) أي سوى ما يذكر لكم منعه وحرمته في آيات أخرى كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) ، الآية .. التي تجيء في هذه السورة ، وكغيرها من الآيات الدالة على المحرّمات والمستثنيات التي يتلو ذكرها سبحانه على الناس ، وقد بدأها ب (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) فهذا بعض ما تلا علينا حرمته. فإنه يحرم على الإنسان كلّ ما يصطاده في حال الإحرام سواء كان من الأنعام الأهلية أو الوحشية ، أو كان المصطاد من غير هذه الأنواع ، ومما يصطاد. وسيجيء تفصيل ذلك في آخر هذه السورة الكريمة إن شاء الله تعالى (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) من تحليل المحلّلات ، وتحريم المحرّمات ، على ما توجبه الحكمة وما تقتضيه المصلحة الإلهية ، يحكم بذلك كله بحسب ذلك ، ولا راد لحكمه ولا مانع لما يريد ، لأنه لا يريد إلا الخير.
٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ ...) تحلوا ، من أحلّ : أي تصرّف بالأمر على أنه مباح وكان حرا في مباشرته كيف شاء ، فاحترموا شعائره تعالى ولا تتهاونوا بها. والشعائر جمع شعيرة ، وهي ما كان شعارا وعلما ، وقد عرّفوها بالفريضة التي سنّها الله ، وهي هنا مناسك المواقف والطواف والسعي والعمرة والمواقف وسائر أفعال الحج. والمراد بالنهي عن التحليل هو النهي عن تحريفه والتصرف فيه لا خراجه عن وجهه ، فلا ينبغي إحلال شيء من فرائض الله ، لا كالتي ذكرنا (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) أي الشهر الذي حرّم فيه القتال. وأريد من الشهر الجنس فيشمل النهي مجموع الأشهر الأربعة التي حرم فيها القتال ، والتي هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ،