المضمومة قد أبدلت تاء استثقالا لها ، فإنهم يفرّون من ضمّة الواو إلى الهمزة وإلى التاء. والتقية لغة ، هي إظهار خلاف ما عليه القلب خوفا على النفس .. (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) أي ينبهكم ويخوّفكم مغبّة ذلك حتى لا تتعرضوا لسخطه سبحانه حين توالون أعداءه ، فإن الحب والبغض في الله يخالفان موالاة أعدائه من دون المؤمنين. وهذا ترهيب بليغ ، وتوعّد شديد.
وليست النفس هنا ما يرادف الروح المرتبطة بالبدن ، بل هي ذاته المقدّسة ، وذات العزيز الجبّار تخيف في مقام التحذير. واستعمال النفس بهذا المعنى شائع ، ومنه قوله تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) وقوله سبحانه : (كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ونحوهما في أكثر من عشرين موردا. (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ). أي إليه المرجع الأخير. وفي هذا أيضا ترهيب وتخويف ، لأنه تعالى يؤذن خلقه بأن مصيرهم بأجمعهم إليه ، وهو عالم بأقوالهم وأعمالهم ، وهو يوفّي كل نفس ما عملت ، وهم لا يظلمون. فعلى العبد أن يتوجه في أموره إلى مولاه الحقيقي وأن لا يقع في محاذير العصيان ، اللهم إلّا في ما تحسن فيه التقية التي قال عنها الإمام عليهالسلام : التقية ديني ودين آبائي.
٢٩ ـ (قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ ..) أي إن تحاولوا كتمان ولاية الكفّار وسائر نيّاتكم ووجوه أعمالكم ، وتستروا ذلك (أَوْ تُبْدُوهُ) تظهروه وتعلنوه في دار الدنيا خيرا كان أو شرا (يَعْلَمْهُ اللهُ) يعرفه لأنه جلّ وعلا هو خالق أبدانكم ونفوسكم ، وعالم محالّ أسراركم ، وهو القائم عليها بالتدبير ، والمطّلع على خلجاتها وجميع حركاتها وسكناتها. ونحتمل أن هذه الآية الشريفة جاءت في مقام الترهيب والتحذير أيضا ، إلى جانب أنها إظهار لقدرته تبارك وتعالى.
ويلاحظ أن الخطابات كانت إلى الآن محضا لأهل الأرض في مختلف الآيات ، لكن في هذه الشريفة أشرك معهم أهل السماوات فقال