رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢))
٢٨ ـ (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ ..) نهى سبحانه المؤمنين عن موالاة الكافرين ، أي محبتهم أو جعلهم أولياء أمرهم كما كانوا يفعلون في الجاهلية ، وأن يمتنعوا عما كان منهم قبل الإسلام من مخالفتهم إياهم أو نحو ذلك ، حتى لا يحبّوا ولا يبغضوا إلّا في الله. وقد كرر ذلك في القرآن كقوله : (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) فيستفاد من مجموع الموارد أن الحب في الله والبغض فيه تعالى أصلان كبيران من أصول الإيمان. فينبغي أن لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء (من دون الله) أي لا يؤثروا حبّ الكفرة والجحدة على ولايته تعالى (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) يختار الكفرة بموالاته (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) يعني أن الله سبحانه ليس بوليّ له أبدا. وعبارة : في شيء تأكيد للنفي (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) أي لا توادّوهم إلّا في حال خوفكم من ناحيتهم فتتّقون ضررهم وتستعملون معهم التقيّة التي هي أهم أمر مرغوب فيه ، وقد عدت من الدين ، وتاركها في موردها مذموم جدا. وإن من خالط الكفار وعايشهم وعاملهم وكان يخاف سوء العاقبة في عدم موافقتهم وحسن معاشرتهم ، لا بأس له بأن يظهر مودتهم بلسانه ، ومداراتهم تقية منهم ودفعا لضررهم عن نفسه ، من غير عقيدة بهم وبطريقتهم ومسلكهم. وقال بعض أعلامنا بضرورة التقية ، وقال المفيد رحمهالله أنها قد تجب ، وقد تجوز أحيانا ، وقد تكون في وقت من الأوقات أفضل من تركها. وقال الشيخ الطوسي رحمهالله : وظاهر كثير من الروايات أنها واجبة عند الخوف على النفس. وقيل : التقية رخصة ، والإفصاح بالحق فضيلة وإن قتل القائل ، يشهد على ذلك قضية عمّار ووالديه : ياسر وزوجته ، وهي مشهورة .. وتقاة : مصدر ، وأصله : وقاة على وزن فعلة. والواو