وبين الناس .. ولعل المراد بالإصلاح بينه وبين الناس ، هو أن يجعل الله قلوبهم تميل إليه ، ونفوسهم تعطف عليه ، فإن كان في أمر دنياه نقص أكملوه بلا طلب منه وبلا توّجه بالسؤال إليهم (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) يسمع وساوس الصدور ، ويسمع جميع المسموعات طبعا لأنه يطلّع على خطرات النفوس ، ويبصر ما في ظلمات البر والبحر وما في القلوب ، ويعرف أغراض الناس ورغباتهم ، ويعلم من يطلب حرث الدنيا كالمجاهد للغنيمة ، ومن يريد ثوابها كالطامع بالجاه والمدح ، ويعلم المجاهد لإعلاء كلمة الدين والفوز بثواب الجهاد ، كما يعلم نيّة فاعل الخير وصدقة السرّ طمعا بالثواب يوم المعاد. وقد قيل إن الآية في مقام تهديد المنافقين والمرائين. وروي أن في جهنم واديا تتعوّذ من حرّها جهنم بالله ، أعدت للقرّاء المرائين ..
* * *
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥))
١٣٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ..) أي قائمين بالعدل مجدّين في إقامته وإشاعته ، عاملين به لأن العمل بالشيء أفضل طريقة لترويجه ، فكيف إذا كان كالعدل الذي هو خير ما يتعامل به الناس للإنصاف وإيصال الحقوق الى ذويها؟ فكونوا دعاة للعدل بغير ألسنتكم ، وقولوا الحق دائما وكونوا (شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي أقيموا الشهادة الصادقة خالصة له عزوجل سواء كانت لكم أو عليكم. والجملة إما خبر ثان لكونوا ، أو هي حال أي اشهدوا شهادة خالصة ، والأول