أصح. فاشهدوا بالحق ولو كانت الشهادة عليكم (أَوِ) على (الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) فإن أداء الشهادة واجب لا تمنعه الرحميّة ولا تحول دونه القرابة ، بل تجب الشهادة ولو كانت على الأب أو الأم أو القريب ومما خصّص به في غير هذا المقام قوله تعالى : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ) ، الذي هو نهي مطلق صريح. نعم في بعض الموارد ـ كأن يترتب على الشهادة فساد عظيم كالقتل ، أو كشق عصا المسلمين أو الثلم في الدين وأمثال ذلك من الأمور العظام ـ فقد قيل بجواز تأدية الشهادة بما يناسب المقام أو بأن لا تودّى مطلقا إذا لم يكن في كتمانها محذور.
والحاصل أن أداء الشهادة واجب (إِنْ يَكُنْ) الشاهد أو المشهود عليه (غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً) إذ لا الغنى يجيز كتمان الشهادة على الغني ، ولا الفقر يمنع الفقير عن إقامة شهادته حين الإدلاء بها. فلا بد من إقامتها في جميع الموارد. أما الغنى والفقر (فَاللهُ أَوْلى بِهِما) وهو سبحانه مقدّرهما وأحق بهما ، وهما من عطائه ومنعه لكل أحد ، وليس لأحد أن يلاحظ فقر فقير فيتقاعس عن الشهادة له على الغني إذا كان الحق على الغني ، أو أن يشهد للغني لغناه إذا كان الحق للفقير. فليس للفقر ولا الغنى دخل في باب الشهادة ، بل يجب أن تجيء على وجهها الصحيح ، وأن تؤدّى بصراحة تامة وكما هي عليه. وحرمة كتمانها مؤكدة إذ الفقر والغنى أمران واقعيّان هما بيد الله الذي يعطي لمن صلاحه في الغنى ، ويمنع عمّن إصلاحه وصلاحه بالفقر ، وبذلك يتمّ انتظام الكون إذ لا غنى للغني عن الفقير ، ولا غنى للفقير عن الغني في مجال الحياة الاجتماعية ، ولو لا هذا وذاك لاختل نظام المجتمع وتوقف الازدهار في العالم كما لا يخفى على ذوي الألباب والبصائر ..
والحاصل أن أداء الشهادة على وجهها الحق ، يجب ولو كان على النفس أو الأهل أو الأقرباء أو الفقير أو الغني ، ولو لا وجود المصلحة في ذلك لما أمر الشارع الأقدس بإقامتها عليهم. وفي الحديث : أنصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقيل : يا رسول الله ، كيف ينصره ظالما؟ قال صلّى الله عليه