القلب عن الإيمان لأنه يشح بالطاعة ولا يبذل الانقياد لأمر الله جلّ وعلا. وقد قال بعض العارفين : الشح في نفس الإنسان ليس بمذموم لأنه طبيعة ، خلقه الله تعالى في النفوس كالشهوة والحرص والحسد لابتلاء البشر ولمصلحة عمران الكون. وإنما المذموم أن يستولي سلطانه على القلب فيطاع ... (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا) أي تفعلوا فعلا حسنا من حيث المعاشرة والاختلاط ـ وهو هنا سبحانه يتكلم عن الزوجات وأزواجهن ـ فاذا فعلوا ما هو ممدوح شرعا وعرفا فيما بينهم ، ثم اتّقوا النشوز وما يجرّه من أضرار الظلم بالزوجة أو الزوج ، وتجنّبوا الخصومة الزوجية التي تحصل في مثل هذه الظروف (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) عارفا عالما يميّز الأعمال الحسنة من الأعمال القبيحة السيئة مما يجّره النشوز بين الزوجين.
١٢٩ ـ (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ ...) أي لن تقدروا على التعامل معهن بحيث يرضين كلهنّ من أزواجهنّ إذا كان عند الرجل الواحد منكم زوجات متعددات. وقد كان صلىاللهعليهوآله يقول. حينما يقسم بين نسائه فيعدل : هذا قسمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك. مخاطبا ربّه عزّ اسمه الذي ينشئ العاطفة عند الإنسان ، ويملك كل ميل أو إحساس أو شعور. فالنبيّ (ص) كان يضيق في هذه الحالة ويرى صعوبة العدل بين النساء من حيث الميل القلبي ومن حيث العاطفة التي يملكها الله تعالى ، وكان يعتذر من نسائه بعد القسمة بينهنّ مع أن قسمته (ص) في غاية العدل لأنه هو مطبّق العدل الذي سنّة الله تبارك وتعالى ، ومع شديد احتياطه (ص) كان منهنّ من لا ترضى بقسمته ويخطر لها الاعتراض بل تفعله مع مرسي العدل على وجه الأرض صلىاللهعليهوآله ، فكيف هي حال غيره من الرجال المتعددي الزوجات؟ ... ويؤيد القول بأن الله سبحانه نفى استطاعة العدل بين النساء الضرائر من ناحية الميل قائلا للرجال : (لَوْ حَرَصْتُمْ) على العدل القلبي وبذلتم كل جهد عقلي ، فلا بدّ من ميل لواحدة أكثر من ضرتها. فهو سبحانه أعلم بحال الناس ، وأعرف بقلوب الرجال ، وأدرى بشؤون النساء ـ وهو خالق