من الحقوق على ما يستفاد من رواية الكافي عن الإمام عليهالسلام ، وظاهر الكلام أن المرأة بقولها : دعني ، أرادت أن تصالحه. والإمام عليهالسلام يقول في ذيل الرواية : هذا هو الصلح.
أما المراد بالصلح الذي يدل عليه فعل : يصلحا ، فهو من قبل الرجل وزوجته نفسهما ، أي أن الضمير ـ الفاعل ـ في : يصلحا ، عائد للزوجة والبعل ، لا لغيرهما ممن قد يتولى الإصلاح. ففي هذه الحالة فرض الله سبحانه إمّا أن يتنازل الزوج عن بعض حقوقه على زوجته ، وإمّا أن تغمص الزوجة عن بعض حقوقها أو جميعا ، ولا سيّما إذا كان الكره صادرا عن الزوج فإنها تهب له ذلك مستعطفة ولو بأن تترك له مهرها أو تبذل له شيئا من أموالها إذا كانت ذات مال ، تفعل كل ذلك بغية استمالة قلبه إليها بأية كيفية تتمكن من جلبه نحوها. ومما لا شك فيه أن ذلك أحسن من البينونة (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) من الطلاق والفراق أو الجفاء على الأقل. وقد وقعت هذه الجملة في مورد الاعتراض ، وهي كقوله تعالى : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) أي جعل الشحّ حاضرا لها لا يغيب عنها إذ النفوس مطبوعة عليه. وهي هنا تعني البخل بالشيء القليل ، والغرض من إيرادها هو كون المرأة لا تسمح لنفسها بصرف النظر عن حقها وقسمها ، والرجل ـ كذلك ـ يضن بأن يسمع لها ويتعبها في بيتها ولا سيّما إذا أحبّ غيرها وكرهها ، وفي تلك الحالة لا بد من الافتراق ... والفرق بين الشح والبخل أن الشح بخل مع حرص ، بخلاف البخل الذي هو مجرد بخل. فالشح إذا أشد من البخل ، وهو يكون في المال وفي كل معروف ، ومنه قوله تعالى : أشحّة على الخير. وفي حديث : إن البخيل يبخل بما في يده ، والشحيح يبخل بما في أيدي الناس مع بخله بما في يده ، ثم لا يرى في أيدي الناس شيئا إلّا تمنى أن يكون له ، ولا يقنع بما رزقه الله سبحانه. وفي رواية : لا يجمع الشحّ والإيمان في قلب أحد أبدا. بيان ذلك أن الشح حالة غريزية جبل عليها الإنسان الشحيح ، فهي كالوصف اللازم له ، ومركزها النفس. فاذا انتهى سلطان الشح الى القلب واستولى عليه ، عري