شرع لهم حين يصيرون أهل رشد وتكليف ، أو إعطاءه الى وليّهم إن كان لهم وليّ ، وإن لم يكونوا تحت ولاية أحد فالى القيّم الذي يعيّنه الحاكم الشرعي الذي يحفظ أموالهم ومواريثهم (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) أي ما تصنعوا من إحسان الى هؤلاء اليتامى ـ صبيانا وبنات ـ (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) عالما بالخير الذي تصنعونه وبكل شيء. وفي ختام الآية بهذا الشكل يرمز سبحانه الى أنه لا يتسامح في تضييع شيء من حقوق الأيتام ، لأنه عليم حسيب يراقب بدقة.
١٢٨ ـ (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً ...) النشوز من الرجل هو الإعراض عن الزوجة ، والنشوز منها هو عدم رغبتها في مساكنته. والنشوز من النشز الذي هو ما ارتفع من الأرض. وهو من الزوجين كراهية أحدهما للثاني وترفّعه عليه. فإن خافت المرأة أن يعرض عنها زوجها ويجفوها فلا ينام معها في مضجعها ، ويضيّق عليها في مأكلها وملبسها ، أو يضرها بإدخال ضرّة ـ زوجة ثانية ـ عليها فيصير أمرها معه أصعب بحيث لا تتحمل مشقة ذلك (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما) فلا جناح : هنا : ينبغي ، بل يجب الصلح بينهما لأنه الأجدى والأحسن لكل منهما. وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الشريفة : هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها ، فيقول : أريد ان أطلّقك. فتقول له : لا تفعل ، إني أكره أن يشمت بي ، ولكن انظر ليلتي ـ أي دورها في وجوب مضاجعتها ـ فاصنع بها ما شئت ، وما كان سوى ذلك من شيء فهو لك ودعني على حالتي. وهو قوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) هذا هو الصلح. ويستفاد من قولها : دعني على حالتي ـ كما في الرواية ـ أن لها أن تهب جميع حقوقها التي كانت لها على زوجها حتى لا يطّلقها ومن أجل أن تدفع الشماتة عن نفسها والاتهام لها ، ولحفظ شؤونها على كل حال. وإذا فرض أنها تصالحه على جميع حقوقها عليه في عوض عدم الطلاق ، وبقاء علقة الزوجية في الجملة ، فيعلم أنه لا يلزم أن يكون عوض الصلح مالا كما قد يتوهّم ، بل قيل بذلك. بل يصح أن يكون حقا