أحدهما : قول أبي علي وهو أن الاستحقاق الزائد يسقط الناقص ويبقى بكماله ، كما لو كان أحد الاستحقاقين عشرة ، والآخر خمسة ، فإن العشرة تسقط الخمسة ، وتبقى هي كاملة ، وهذا يسمّى بالإحباط.
وثانيهما : قول أبي هاشم ابنه ، وهو أن يسقط من الزائد ما قابل الناقص ، ويبقى الباقي ، أي الحاصل بعد الطّرح. وفي المثال المذكور تسقط الخمسة من العشرة ، وتبقى خمسة ، وهذا يسمى بالموازنة. وقد أبطلها المحقّقون من المتكلّمين ، وللبحث في المقام ذيل طويل في الكتب الكلامية يرجع إليها من أراده. ومسألتا الإحباط والتكفير كانتا من قديم الزمان محلّ نقض وإبرام ، ونفي وإثبات. وكلتاهما لا إشكال فيهما على ما يظهر كتابا وسنّة ، وهو الهادي والمسدّد في الدنيا والآخرة ..
أمّا بطلان الأعمال بالنسبة إلى قتلة النّبيين ، وقتلة الآمرين بالقسط ، فباعتبار عدم ترتّب آثارها. فأمّا الدنيويّة فإنهم لا تحقن دماؤهم ، ولا تحترم أموالهم ، ولا ينالون بفعلهم حمدا ولا ثناء من أحد. وأما الأخروية فإنهم لا يستحقون بأعمالهم أجرا ولا ثوابا ولا يرون الجنة ولا يتذوقون نعيمها (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أي مساعدين في دفع العذاب عنهم ، أو شافعين لهم عند الواحد القهّار لرفع العذاب أو تخفيفه ..
٢٣ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ..) أي : ألم يصل علمك يا محمد الى أحوال الناس المتّصفين بأنهم أعطوا نصيبا ، أي حظا من الخير والسعادة التي يحويها الكتاب؟ ... وتنكير النصيب للتعظيم ، يعني حظا وافرا إذا كانت «من» بيانية. أو للتحقير إذا كانت تبعيضية ، أي حظا ناقصا. والكتاب هو التوراة والإنجيل ، أو هو الجنس المنزّل. وقيل :المراد بالذين ، أي بالموصول في الآية ، هم أحبار اليهود والنصارى. ويحتمل أن يراد أعمّ من علمائهم كما هو الأظهر من الآية الكريمة ، فهؤلاء (يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ) أي القرآن ، أو التوراة لأن فيه بيانا كافيا ، دعوا اليه (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) أي ليحكم نبينا (ص) عليهم بكتابهم ، فقد قيل إن