يقتلون النبيين بغير حق ، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ، ثم قال : قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة! فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عبّاد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف أي أمروا القاتلين ونهوهم عن المنكر ، فقتلوهم جميعا من آخر النهار! .. والمراد من هذا الذيل هو أن قتلة الأولين هم قتلة الآخرين .. والعذاب الأليم هو العذاب الشديد الموجع. نعوذ بالله منه ....
٢٢ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ..) الحبط هو البطلان ، وحبط عمله أي :
بطل وفسد. وأحبط الله أعمالهم : أبطلها ولم يأجرهم عليها. وقيل إن استحقاق الأجر منوط بالموافاة ، أي أداء حقّ كلّ ذي حقّ تامّا كاملا. لقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ..) وقوله : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ) ، الآية .. وقوله تعالى : (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) فمن كان من أهل الموافاة ، أي قدم على الله تعالى ولم يلبس إيمانه يظلم ، كان ممّن يستحق الثواب الدائم مطلقا. ومن كان من أهل الكفر ومات على ذلك استحق العقاب الدائم مطلقا. ومن كان ممّن خلط عملا صالحا وآخر سيّئا فإن وافى بالتوبة استحق الثواب مطلقا ، وإن لم يواف بها فإمّا انه يستحق ثواب إيمانه أو لا؟ .. والثاني باطل لقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) ، فتعيّن الأول. وأما أن يثاب ثم يعاقب فهو باطل إجماعا لأن ثواب الأعمال الصالحة هو الجنّة في يوم القيامة ، ومن يدخل الجنة لا يخرج منها لأنها دار الخلود ، والخروج مناف لذلك. وحينئذ يلزم بطلان العقاب ، أو أنه يعاقب ثم يثاب وهو المطلوب والمراد لقوله عليهالسلام في حق هؤلاء : يخرجون من النار كالحمم ، أو كالفحم. فيراهم أهل الجنة فيقولون : هؤلاء الجهنّميون! .. فيؤمر بهم فيغمسون في عين الحيوان ، فيخرجون وأحدهم كالبدر ليلة تمامه ..
وبما قرّرنا تبيّن أن الإحباط والموازنة بالمعنى الذي يقول بالوعيدية ، باطلان. والذين لا يجوّزون العفو عن الكبيرة قد اختلفوا على قولين :