عنده عشر يتيمات يقصّر في حقوقهن عما يجب عليه نحوهن ، فنزلت الآية الكريمة بالنهي عن تزوّجهن مع تضييق حقوقهن. وإن الأمر بنكاح ما طاب ـ أي ما حلّ ـ متضمن للنهي في مفروض الكلام عن نكاح الإناث من الأيتام كما لا يخفى على ذوي الأفهام. فبعد أن أصبح البعض مسلمين أمرهم الله بحفظ مال اليتيم أو اليتيمة وصيانته ، ثم أمر بإعطاء المال الى صاحبه بعد الرشد ، ثم وصّى الأوصياء بالنهي عن التزوّج بيتامى النساء ورخّص بتزويجهن لغير أنفسهم حفظا للنظام وبقاء للنوع.
فان قلت : بمقتضى عموم العلة لا يجوز لهم تزويجهنّ لغيرهم ، فإن عدم تكلفّهم وتعهّدهم بإيتائهن حقوقهن علة لعدم التزويج مطلقا سواء الأيتام الإناث أو غيرهن ، لأنهم كانوا ممّن يستبيح البضع مجّانا ، وهذا كاشف عن عقد قلبهم من أول الأمر على هذا ، وهو تزويج محرّم شرعا لأن البضع لا يحلّ مجّانا؟ ... والجواب أن لغير اليتامى أولياء وأصحاب يتكفّلونهم ويدبّرون أمورهم ، ولا يرضون بتزويج بناتهم من كل شخص إلّا الذي يرون فيه الكفاءة والصلاح ، وذلك بخلاف اليتامى فإنهم لا أولياء لهم إلّا الله سبحانه. ولذا أمر بشيء في أمورهنّ ونهى عن شيء حتى يستقيم أمرهنّ في المجتمع الاسلامي ، ثم شرع لهنّ حكما يحفظ لهنّ كرامتهن ويعيد إليهن اعتبارهن ، فقال انكحوا ما حلّ لكم (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) أي إذا لم تكتفوا بواحدة فانكحوا من غير اليتامى الى أربع لا أزيد بالنكاح الدائم. وأمّا المؤقّتات اللواتي ينكحن بالمتعة فلكم الخيار في عددهن الذي يكون حسب استعدادكم واستطاعتكم البدنية والمادية.
وأما الأعداد بهذه الصّيغ فمعدولة عن أعداد مكرّرة ، وهي غير منصرفة للعدول والوصف. وهي في الواقع بدل عن المكرّرات. فمثنى بدل عن اثنين اثنين. ولكن هل البدلية والعدول لمجرد التخفيف كما هو ديدن العرب في الكلام وحروفه التي تركّب منها ، أم لها جهة اخرى غيره؟ .... والظاهر أن الوجه هو هذا ، والله أعلم بما قال. ومعناه الإذن لكل ناكح يريد الجمع بين الزوجات لا بين الأعداد هذه إذا كان يريد أن لا يقتصر