يتشبه عباده بصفاته تعالى ، وأن يتخلقوا بفضائل أخلاق نبيّه صلىاللهعليهوآله الذي كان رحمة للعالمين لا يفرّق بين أبيض أو أسود ولا بين عربي أو أعجمي لشدة ألطافه بعباد الله ... أمّا إذا أغمضنا عمّا ذكر واتّبعنا المرتكز في أذهاننا من ظواهر الآيات والأخبار فلا بد من أن نحمل على الأقرب فالأقرب ونأخذ بالأحسن قبل الأخذ بالحسن. ونحن نذكر رواية تؤيد ما ذكرناه من أن البشر جميعهم أقارب يتفاوتون في القرب والبعد والتوسط ، وردت في العيون عن الامام الرضا عليهالسلام عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لمّا أسري بي الى السماء رأيت رحما معلّقة بالعرش تشكو رحما الى ربّها. فقلت : كم بينك وبينها من أب؟ فقالت ؛ نلتقي في أربعين أبا! ... فإذا رأينا مثل هذا الخبر يجب أن لا نتعجّب ، بل يجب أن نعدّ الخطب سهلا لأنه سبحانه وتعالى ـ اهتماما بصلة الأرحام ـ جعلها قرينا باسمه الأقدس كما ذكرنا ، فيبعد أن تكون الصلة التي أمر بها محصورة في عدّة قليلة من الأرحام القريبة التي يصل عددها الى عشرة أو عشرين أو خمسين ، لأن صلة هؤلاء لا تتناسب مع هذا التأكيد الشديد من ذاته القدسية ؛ إذ أن صلة هؤلاء بالذات تحصل بالفطرة لو لا الموانع الشخصية التي تحصل أحيانا ـ وإن كان الأمر بالصلة يلزم للأقرب فالأقرب بلا شك ـ وهذا يكشف عن أمر هام وهو صلة كل واحد من أبناء النوع بما أنهم جميعا من أب واحد وأمّ واحدة. وهذه الصفة هي الممدوحة عنده سبحانه وهي الجديرة بأن يأمر باتقائها وبأن لا يقطعها أحد عن أحد من أفراد المجتمع ، فيصبح المجتمع حينئذ بمنزلة أهل بيت واحد وأسرة واحدة. وهذا التفسير في غاية المتانة واللطف ، ولكننا نأسف إذ لا نجد له مصداقا فيما بيننا إذا استثنينا ما كان من رحمة نبّينا صلىاللهعليهوآله ورحمة أوصيائه الطاهرين سلام الله عليهم ، ولن نجد مصداقا لها إلّا حين يجيء مصداق قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ، أي في عصر الظهور المبارك وعصر النور الذي يشرّفه صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه ، حيث يؤثر كلّ واحد الآخر على نفسه ، ويسعى كل إنسان في إصلاح أمور