قرئ بالنصب عطفا على لفظة الجلالة ـ الله ـ ومعناه : اتّقوا الأرحام بأن تصلوها ولا تقطعوها. وقد اهتمّ الله سبحانه كثيرا بأمر الرحم وعظّمها إذ جعلها قرينا لذاته المقدسة في الأمر بإعظامها وإكرامها ورعايتها على كلّ حال. وفي قراءة حمزة جرّها ـ والأرحام ـ عطفا على الضمير ، والمعنى : تتساءلون بالله وبالأرحام. فما هذه المنزلة العظيمة للرحم ، وخصوصا حين تكون ذات شأن وأهمية كالأب والأم. ولذا يقول الناس : برحمة أبيك ، أو بروح أمك ، إلّا ما قضيت لي حاجتي ، أو أعطني ما سألتك ، أو تعال لبيتي ، أو اذهب عند فلان.
فإن الله سبحانه وتعالى أوصى الناس بأن الرحم التي لها هذه المنزلة من القرب والجاه عندكم ، بحيث تجعلونها وسيلة عند غيركم لنجاح مطالبكم ونوال سؤلكم كما تجعلون اسم الله كذلك ، فاتّقوها بعدم قطعها. فهذه التوصية منه تعالى تشير الى الاهتمام بشأنها وعظمها وأن صلتها منه تعالى بمكان.
ومما لا بد من التنبيه إليه هنا ، أن المراد بالأرحام هاهنا ، هل هو الأقارب القريبة من الإنسان ، والتوصية منه سبحانه بالنسبة إليهم على ما هو المركوز في الأذهان والمشهور بين الأعلام الى الآن ، ولهذا المرتكز يحملون ظواهر القرآن والسنّة والأقوال عليها؟ أو هو المراد مطلق الأقارب؟ ... بيان ذلك أن جميع الناس على وجه الأرض من أب وأم هما آدم وحواء ، فهم إذا أقرباء منذ نزول أبويهما الى يوم انقضاء الدهر ، وبهذه النسبة يحكم بأن كل إنسان منبثّ على وجه الكرة الارضية ـ من أي نوع كان أو طائفة أو قوم ، سواء الأسود والأحمر والأبيض والأصفر ، فهم ـ إذا ـ مشتركون في توصية الله ولا بد لكل واحد أن يلاحظ أفراد المجتمع بحيث لا يقطع الرحمية بينهم جميعا ليحفظ ما أوصى به الله تعالى في صلتهم وحفظ شؤونهم مهما أمكن ، وإننا يجب أن نلاحظ الناحية التي أوصي بها ربّنا وأن نراعي عظمته ورحمانيته بحمل الرحم على مطلق القرابة بلا فرق بين القريب والبعيد ، فنكتسب من صفة خالقنا الرحمان الرحيم إذ نعلم أنه عزوجل يحب أن