ويمكن أن تقرأ مجرورة على البيانية والأول أصح. وجنات : جمع جنة وهي الحديقة ذات الشجر. وجريان الأنهار إما أن يكون تحت الأشجار ، وإما تحت الأبنية والقصور فالجنة تحتوي على ذلك كله من أشجار وأنهار وقصور وربما كان جري الأنهار تحت كليهما على ما هو ظاهر الآية. وقوله : عند ربهم ، عند : اسم لمكان الحضور كقوله : رأيته عند الباب ، واسم لزمان الحضور كقوله : ذهبت اليه عند بزوغ الفجر. وهو في الآية الشريفة متعلق بقوله : اتقّوا ، باعتبار كونه حالا عن فاعله الذي هو المتقون ، أي حال كونهم عند ربهم يرزقون تلك الجنات. أو هو صفة لهم باعتبار كونه متعلقا بمحذوف مقدر والله تعالى أعلم .. و (خالِدِينَ فِيها) حال من الذين في قوله : للذين ، وقد نصب على ذلك. وللذين اتّقوا كلّ ذلك (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) أي منظفة عما يستقذر من النساء ومن كل دنس وعيب ، ومن كل شين خلقا وخلقا (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) فوق ذلك كله ، ورضوانه تعالى يفوق كلّ نعيم ويزاد على النعم التي ذكرت بل هو (أكبر) منها وأعلى لأنه عبارة عن أعلى مراتب الجنة. وهو بمعناه اللغوي رضى الله خاصة وما أعظمه من نعمة على العبد (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) أي عالم عارف بما يعملون وما يستحقون من الجزاء ، وفي المجمع عن الصادق عليهالسلام ، قال : ما تلذذ الناس في الدنيا والآخرة بلذّة أكبر لهم من النساء ، وهو قول الله تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ) الى آخر الآية ، ثم قال عليهالسلام : وإن أهل الجنة ما يتلذذون بشيء من الجنة أشهى عندهم من النكاح ، لا طعام ولا شراب.
وقد نبه سبحانه بهذه الآية الكريمة ، الى مراتب نعمه ، وبيّن أن أدناها هو متاع الدنيا ، وأعلاها رضوان الله على ما وصفه تعالى ، وأوسطها الجنة ونعمها. فارزقنا اللهم من مراتبها الثلاث ، إنك سميع مجيب.
١٦ ـ (الَّذِينَ يَقُولُونَ : رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا) .. في هذا القول بيان لصفات الذين اتقوا ، وما أكرمها وأحسنها من صفات لأنهم يقولون : ربنا إننا صدّقنا الله ورسوله! .. وصفة الايمان أول صفة لا بد للعباد من تحصيلها ، وما