أخرى. (وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ) جمع قنطار ، وهو المال الكثير ، وقيل هو ملء مسك ثور ، وقيل مائة ألف دينار ، وفي رواية أنه ألف أوقية. والمقنطرة : أي المجمعة قناطير فوق قناطير ، وقيل مبنية منه للتأكيد : كبدرة مبدّرة. وكلمة : من : بيانية للقناطير (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) من سوّم الفرس أي أعلمه فهو مسوّم : معلم. وقد يكون من السّومة التي هي العلامة. والمراد أنها مسوّمة بسيماء الحرب كما كان يعلق عليها صوف ملون في رؤوس الحراب ، أو قطعة قماش مطرزة كالعلم. ويقال : سامت الماشية ، أي أخرجت الى المرعى (والأنعام) المواشي الثلاث بأصنافها ـ البقر والغنم والمعز (والحرث) الذي هو أعمّ من المغروس والمزروع. فهذه كلها من الأشياء التي يرغب فيها الإنسان رغبة شديدة مع أن (ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي جميع هذه المشتهيات ، وسائر منافعها إنما هو من أعراض الدنيا الزائلة ، والانتفاع به قليل لا بقاء له إذ ينقضي عما قريب ، فلا بد للإنسان من أن يتوجه لما يكسبه نعيم الآخرة الدائم الذي لا فناء له ولا زوال ... وهذا مما يحرّك الشوق إلى الأعمال الصالحة ويوجب الزهد في متاع الدنيا القليل ، ويجلب الورع عن محارم الله (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) أي المرجع الأحسن حيث النعم دائمة لا تزول ، وحيث لا عناء ولا كدر ولا همّ ولا غم ولا ألم ولا سقم ولا فناء ، ولا انقضاء لمدة النعيم والسرور.
١٥ ـ (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) .. أي : يا محمد قل للناس المجتمعين من حولك : هل أخبركم بما هو أحسن من هذا المتاع الفاني وهذه المستلذات الدنيوية الزائلة التي ذكرت لكم في الآية ، وما هو الأنفع مما أعدّ الله : (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) أي تجنبوا المحرمات؟؟ وهذا منتهى الاستفهام الذي استأنف بعده القول أن لهم (عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) على تقدير أنه بيان لقوله : (أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ). وهذا جواب إذ كأنه قيل ما ذلك الخير للذين اتقوا؟ .. فجاء الجواب بمالهم عند ربهم ... ويحتمل أن يكون رفع جنات على الخبرية على تقدير كونها جوابا.