عداها من باقي صفات التصديق لا تنتج بلا إيمان ثابت ، والايمان الواقعي الصادر عن عرفان كامل ، يلازمه التصديق بالنبوة ويقبل الولاية اللتين لا تنفكان عن بعضهما ولا تنفكان عنه. والذي يقول آمنت ثم لا يقبل الولاية يكشف أنه ما آمن بالله ولا بما جاء من عنده ، ولا آمن بالرسول ولا بما جاء به عن ربه ، وإيمانه لسانيّ لا أثر له إلا في ما فيه مصالح ظاهرية كحقن دمه وحفظ ماله وعرضه وجميع نواميسه ، لكونه طاهرا يتعامل معه تعامل الطاهر في الشرع المقدس لنطقه بالشهادتين. أما المؤمنون حقّا فهم المصدّقون الذين يقولون آمنا بذلك كله (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) أي استرها علينا ، وتجاوز عنها ، وأمحها عنا (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) وجنبنا إياه ، وادفعه عنا ، واحفظنا منه ولا تجعلنا من أهل النار.
١٧ ـ (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ) .. فالله تعالى أثنى على الذين اتقوا بصفات أخرى ، فعبّر أنهم هم الصابرون على البأساء والضّراء والصابرون على الطاعة ، والصابرون عن المعصية أيضا. وهم الصادقون في أقوالهم وأفعالهم ، بل في إيمانهم بالله وبرسوله وبكتابه وما فيه ، وبجميع أمورهم الدنيوية والأخروية. وهم القانتون : أي القائمون بالطاعات ، الدائمون عليها ، المتواضعون لله الأذلاء له تعالى. (والمنفقين) الباذلين من أموالهم وأنفسهم في سبيل الله طوعا لأمره ، ورغبة في ثوابه ، والمجتهدين في ذلك سرا وعلانية ، فريضة وتطوعا (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) في المجمع : أي المصلّين وقت السحر. وقد رواه الرضا عن أبيه عن أبي عبد الله عليهمالسلام جميعا. وعن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : من استغفر سبعين مرة في وقت السحر فهو من أهل هذه الآية. وفي الفقيه والخصال عنه عليهالسلام : من قال في وتره إذا أوتر : استغفر الله وأتوب اليه ، سبعين مرّة وهو قائم ، فواظب على ذلك حتى تمضي له سنة ، كتبه الله عنده من المستغفرين بالأسحار ووجبت له المغفرة من الله تعالى. وتخصيص الأسحار بذلك هو لأن الدعاء فيها أقرب الى الاجابة لأن العبادة في هذا الوقت أشق على العبد ، إذ النوم يكون أحلى وأهنأ ، بينما تكون النفس أصفى والروع