ومعرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم ، ويرفع الله لهم الدرجات العلى. وزاد العياشي ، والذين باءوا بسخط من الله هم الذين جحدوا حق عليّ وحق الأئمة منّا أهل البيت ، صلوات الله عليهم ، فباؤوا لذلك بسخط من الله ... وعن الرضا عليهالسلام : الدرجة ما بين السماء والأرض. والروايات في هذا الباب كثيرة ، ولكن ليس من دأبنا أن نستقصي بل نذكر النموذج لإثبات مدّعانا من التخصيص دون العموم. نعم يستفاد من الروايات ـ كما أشرنا ـ أن المراد بالضمير ومرجعه ، هم الأئمة صلوات الله عليهم. وقد قلنا إنه ليس في المقام رواية يعتمد عليها حتى نطمئنّ إليها. ولو فرضنا وجود رواية صحيحة فإننا نقبلها ونمشي على طبقها ، أو نقول : نحن نتكلم على التنزيل ونحمل الروايات على التأويل في هذه المباركة ، ولعل هذا الحمل هو أحسن الوجوه ، والله سبحانه أعلم.
وأما ناحية معنى الآية الكريمة فقيل إنه محمول على التقدير. يعني أن المقصود بقوله تعالى : هم درجات ، هو : ذوو درجات. وذهب إلى هذا القول كثير من أهل التفسير ، ولكن التقدير خلاف الظاهر ، ويحتمل أن يكون المقدّر حرف الجر ، أي : لهم درجات ، والكلام فيه هو الكلام فيما قبله ، أي أنه يمكن أن يكون قوله تعالى من باب زيد عدل. أو أنهم شبّهوا بالدرجات لما فيهم من تفاوت في القدر والمنزلة ، كما أن الدرج متفاوت مرقاة عن مرقاة وواحدة فوق واحدة. والحاصل أنهم شبّهوا في تفاوتهم بالدرجات فأخبر عنهم بها على نحو الاستعارة كما يقال : زيد أسد ، بلحاظ الشجاعة ، وهذا باب من أبواب البلاغة ، وهو أولى من التقدير وأظهر. أما الرازي ـ في تفسيره ـ فقد جعل عود الضمير على خصوص من اتّبع رضوان الله تعالى أولى ، كما اخترناه ... (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) يرى ما يعملون من اتّباع الرضوان ، أو الرجوع بالسخط ، وسيجازيهم سبحانه وتعالى على حسب أعمالهم.
* * *