الطريق المؤدية إلى ما يرضيه عزوجل ... وهنا يقول الله تعالى : هل المتّبع لرضوانه (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ)؟ ... أي كالذي لم يتّبع رضوانه ، بل باء ، أي رجع وعاد بسخطه وبما يوجب غضبه وصار بذلك عضوا فاسدا في المجتمع. (و) هذا الشخص المغضب لله (مَأْواهُ جَهَنَّمُ) يعني مسكنه فيها ومصيره إلى النار (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) وما أسوأ مصيره ذلك؟ ... وقد حمل بعض أرباب التفاسير هذه الآية على موارد خاصة ، واستندوا إلى رواية مرسلة عن العياشي عن عمار عن الصادق (ع) أن الذين اتّبعوا رضوان الله هم الأئمة عليهمالسلام ، لكن الرواية لا تنهض دليلا على الحصر وإن كانوا صلوات الله وسلامه عليهم من أجلّ أفراد هذه الآية وأعلاهم درجة.
١٦٣ ـ (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ...) لعل المراد بالضمير : هم ، الذين اتّبعوا رضوان الله لا الأعم منهم ، وممّن باء بسخط من الله ، لأن الله سبحانه في مقام وصف المتّبعين ، تشويقا للمجاهدين وترغيبا لهم لا لغيرهم من أهل النفاق والشقاق. والشاهد الآخر لذلك هو عبارة : عند الله ، فإن استعمال هذه العبارة إن لم يكن دائميّا ، فلا شكّ عند أهل النظر والتتبّع بغلبة الاستعمال في أهل القرب والكرامة عنده تعالى كالشهداء ومن يحذو حذوهم ، لا الّذين يبوءون بسخط من الله لأنهم أهل البعد والمهانة. والشاهد الآخر على الاختصاص إطلاق كلمة الدرجات على مراتب العاملين. بيان ذلك أن الدرجة اصطلاحا لا تطلق على المراتب الحاصلة من أعمال الفسقة والمنافقين. فإنها قد يعبّر عنها بالدّرك التي جمعها دركات ، وهي بعضها أسفل من بعض. فلفظ الدرجات منصرف عنهم وهو مختصّ بالطالبين لرضوان الله تعالى ... وأما الحمل على الغلبة فحمل بلا وجه ولا حاجة إليه. ويؤيّد عدم العموم بالروايات الواردة في المقام ، إحداها عن العياشي ، عن عمار عن الصادق عليهالسلام ، وقد مضت آنفا ، وفي الكافي تلك الرواية بعينها مع زيادة قوله عليهالسلام : هم والله درجات عند الله تعالى للمؤمنين ، وبولايتهم