رسل العرب في هذا الباب ، فيقال في المنسوب الى الدهر : دهري وفي المنسوب الى البصرة : بصري ، وهكذا ... وهؤلاء الذين أريد بهم الكثرة في العدد قيل إنهم ألوف ، وقيل ألوف ، وقيل عشرة آلاف كما نسب الى الصادقين عليهماالسلام في روايات ضعيفة ، فالتحديد بقدر معين لا يخلو من إشكال لأنه من التفسير بالرأي. نعم إن القدر المتعين منه هو أن المراد عدد يعتنى به في الحروب والمغازي بل يخاف الخصم من كثرتهم ويرهب جمعهم. ويستفاد من تنكير لفظة ربيون ، ولا سيما وصفهم بالكثرة ، التأكيد ، والله أعلم.
وحاصل معنى الآية الكريمة أن الله تعالى عقبها لقضايا أحد واصفا المقاتلين مع الأنبياء السابقين واستقامة عسكرهم بحيث لو قتل النبي ـ افتراضا ـ في الموقعة الحربية بينهم وأمام أعينهم (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي ما فتروا ولا ضعفوا عن الجهاد بسبب قتل نبيهم في ساحة المعركة ، أو بسبب ما يصيبهم من جراح ومشقات وعطش وصعوبات وصدمات غير مترقبة. فهم مقيمون على جهادهم في كل حال ، وماضون في طريقهم التي رسمها نبيهم دون فتور أو وهن يختل من جرائه نظام اجتماعهم ويعرض لهم خمود العزائم (وَما ضَعُفُوا) أي ما أظهروا ضعفا عن الجهاد ولا فترت همتهم ولا أثرت فيهم روعة الحرب وجولات المعارك (وَمَا اسْتَكانُوا) أي خضعوا لعدوهم ، ولا ذلوا لهم ، ولا أصابهم ما أصاب بعض من رافقوا نبينا (ص) يوم أحد إذ يروى أن بعضا من أصحابه حين سمع أن رسول الله (ص) قد قتل حين سماع الصيحة ، همّ أن يتصل بعبد الله بن سلول ليطلب له الأمان من أبي سفيان قائد جيش المشركين (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) الذين لا يتعجلون الأمور ويحمدون الله ويصبرون في السراء والضراء وعند كل شدة ومصيبة ، وهو ينصرهم ويرضى عنهم. وكفاهم بذلك فخرا وفضلا وإحسانا حين يثبتون على عقيدتهم ويصبرون على أهوال المعارك وويلات الحرب والقتال.
١٤٧ ـ (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ...) أي حين تمام المصائب وما