النداء قال المنافقون : لو كان نبيا ما قتل فارجعوا الى دينكم. ويؤيد هذا أن أناسا من الذين كانوا يتقربون من الرسول دائما كانوا يحملون هذه العقيدة الباطلة بلا مدرك وبلا روية. بيان ذلك أنه حين وفاة الرسول (ص) كان أهل المدينة من المهاجرين والأنصار يتوافدون لتعزية أمير المؤمنين عليهالسلام بالراحل الأعظم والنبي الأكرم فقام عمر بن الخطاب يثور ويزمجر بأن النبي (ص) ما مات! ... ولكن أمير المؤمنين (ع) ما اعتنى بقول قائل. بل أخذ بتجهيز النبي صلىاللهعليهوآله كما هو معلوم ... والحاصل أنه كان بين المسلمين أناس يعتقدون ذلك أو يرجون له لمآرب شخصية ، فرد الله تعالى عليهم بأن محمدا بشر عادي ، وهو رسول (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) أي مضت وراحت وطواها الزمان ، فأين آدم ، وأين شيت وإبراهيم وإسماعيل ونوح وموسى وعيسى وغيرهم عليهمالسلام ، فقد ماتوا جميعهم وخلوا ومضوا لأن كل شيء هالك إلا وجه الله الكريم (أَفَإِنْ ماتَ) فإذا مات محمد (ص) ولحق بالرفيق الأعلى (انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) أي رجعتم عن دينكم الى دين الجاهلية وقلتم ليس هذا بنبي؟ ... وهذه حال ضعفاء الايمان حتى في أيامنا هذه مع الأسف (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ) يرجع (فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) فلا يلحق ضررا بالله جل وعلا ، لأنه غني عن كل شيء حتى عن إيمانكم به وعبادتكم له التي لا تزيد في عظمته ولا في ألوهيته ، ولكن الضرر يحيق بمن يرتد لأنه يوقع نفسه في مواقع الهلاك ويخسر دنياه وآخرته (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) أي سيثيب المؤمنين به الذين يشكرونه على نعمة الايمان والتصديق ، وعلى معرفة قدر هذه النعمة ، فيعظمونها ويثبتون عليها ويعلمون طبق ما أمروا ووفق ما كلّفوا من لدنه تعالى.
فإن قيل لماذا عبّر سبحانه بالتثنية في لفظة : عقبيه ، مع أن مقتضى ظاهر الكلام أن يقول : على عقبه؟ ... قلنا : إن من يرتد ، أي يرجع ، ينفتل عن وجهته وينحرف عن قصده ، ويعود عن سبيله ، تماما كالذي ينفتل نحو عقبيه أي نحو المؤخر من كعبيه اللذين في رجليه ، لأن العقب