مرتبة شهداء بدر السامية والفوز بتلك الدرجة الرفيعة. وكانوا ـ فعلا ـ بين صادق وكاذب ، ثم دارت الأيام والليالي فوقعت حرب أحد وفاز فيها الصادقون وسعدوا بالشهادة ونالوا الدرجة الرفيعة ، أما الكاذبون فلما رأوا هزيمة المسلمين وغلبة المشركين أخذوا في الفرار وآثروا الهرب على الاستقامة ونصرة الدين ، فعيرهم الله تعالى بهذه الآية ووبخهم على فرارهم من الزحف ، وقال تعالى : كنتم تطلبون الفوز بالشهادة وتتمنون الموت في سبيل نصرة الحق ، فلما وجدتم ذلك ورأيتم الموت بأعينكم فررتم منه وتركتم رسولكم (ص) بين الأعداء أيها الكذبة المردة المخادعون المتظاهرون بالدين ولا دين لكم (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) ترون. والجملة في محل نصب على الحالية من فاعل رأيتموه ، أي حال كونكم ناظرين اليه ، متدبرين ومتفكرين في البقاء للجهاد أو الفرار للنجاة من الموت ، وبالتالي آثرتم الفانية على الباقية ففررتم من الشهادة التي كنتم تتمنونها قبل أن تلقوها. وفي القمي عن الصادق عليهالسلام في هذه الآية : أن المؤمنين لما أخبرهم الله تعالى بالذي فعل بشهدائهم يوم بدر في منازلهم في الجنة رغبوا في ذلك ، فقالوا اللهم أرزقنا قتالا نستشهد فيه فأراهم الله يوم أحد إياه فلم يثبت إلا من شاء الله منهم فلذلك قال تعالى : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ،) الآية ...
١٤٤ ـ (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ...) هذه الشريفة جاءت ردا وتعبيرا لجماعة من المسلمين الذين كانوا يبطنون النفاق وكانوا في عسكر النبي (ص) يوم أحد ، وكانت عقيدتهم أن النبي (ص) لا يقتل ولا يموت ، وأن من كان مدعيا للنبوة ثم قتل يكشف عن كونه غير نبي ويكون كاذبا في دعواه. يدل على ذلك قول بعض الفساق في ذلك اليوم ـ حين هزيمة المسلمين وغلبة المشركين ـ ألا إن محمدا قد قتل ، ولعل الصارخ كان شيطانا ، بل قيل إنه عبد الله بن قمية ـ وهو من المشركين ـ ظن حين قاتل مصعبا بن عمير وقتله أنه قد قتل النبي (ص) لأنه كان من أصحاب النبي (ص) ويشبهه كثيرا فصرخ بصوت عال : قتلت محمدا. فلما سمع