صلىاللهعليهوآله : أتعتقدون أن دخول الجنة والوصول الى تلك السعادة يحصل بمجرد التسمي بالمسلمين وبمحض العقيدة دون الاقتران بالعمل ، وبلا اختبار وامتحان وصبر على المكاره؟؟؟ فلو كان أمر دين الإسلام هكذا لكان في غاية السهولة ولدخل في الإسلام عدد كبير يفوق من دخل منهم فيه. ولكن دين الله ذو حقائق معنوية لا تقاس بالعقول ، ولا بد للوصول إليها من عقيدة راسخة مقرونة بالعمل الصالح طبق التكاليف المقررة من عنده سبحانه والتي قدرها لتكشف عن صحة التدين بما قرر ، وحينئذ يستفيد من تدينه ومن اعتناقه الإسلام. فلا بد أن يتميز المجاهد من غيره ، ويمتاز الصابر عن غيره ، حتى يبدو في عين الملأ هكذا ، وليراه الله على تلك الأوصاف الفاضلة والعقيدة الصحيحة الكاملة ويعرفه بها وهو أعرف به من نفسه بل ليعرفه الناس مستحقا لجزيل ثواب الله تعالى وأنه من أهل جنته التي أعدها للصالحين من المؤمنين المجاهدين الصابرين في كل حال وفي الحوادث الصعبة التي تبدو فيها جواهر الرجال.
١٤٣ ـ (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ...) حذفت إحدى التاءين من تتمنون كما هو شائع عند العرب ، ومعناه معروف بحيث يصبح ذكره من تحصيل الحاصل. نعم فيه شيء لا بد من قوله ، وهو الفرق بين التمني والإرادة. فالارادة من أفعال القلوب ، والتمني من مقولة اللفظ كقول القائل : يا ليتني مت ، وكقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا ، ويا ليت كذا كذا ... وقيل إن التمني أيضا معنى في القلب واللفظ يظهره فلا فرق بينه وبين الارادة ، والظاهر أن الحق هو هذا لأن التمني والارادة لفظان قد يترادفان معنى ، يؤيد ذلك أن الارادة من معاني التمني على ما نقل صاحب المنجد ، وقول الترادف يؤدي الى إيراد الطلب ، والميل والرغبة وإن كانت الارادة هي الباعث على إظهار التمني وإظهار كل رغبة الى حيز الفعل. ومجمل القول أن كلا منهما وضع للمعنى ، واللفظان كاشفان عنه كسائر الألفاظ المشتركة ... وأما شأن النزول ، فإنه ، بعد خاتمة حرب بدر ، كان جماعة يتأسفون ويتحسرون على عدم توفيقهم لنيل الشهادة والوصول الى