ويتخذ تكريم عظيم لمكان الشهادة وللمستشهدين ، حيث إنه سبحانه اختبرهم واجتباهم للاستشهاد والفوز بهذه المرتبة الراقية كما هو ظاهر الآية ، لا بالتسبيب فيكشف عن سمو المقام وعلوه وعن أهليتهم لتلك المرتبة الرفيعة فهنيئا لأرباب النعيم. ولعل المراد بالشهداء شهداء أحد ، أو مطلق المجاهدين في سبيل الحق والحقيقة (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) جملة اعتراض فيها تنبيه للمؤمنين بأنه تعالى مع أنه لا يحب الظالمين فإنه قد يمكنهم أحيانا ويحكمهم استدراجا لهم من جهة ، أو ابتلاء للمؤمنين من أجل رفع مقامهم على الصبر على الظلم من جهة ثانية ، أو لاستحقاقهم تحكم الظالمين بهم عند فرارهم من الزحف ومخالفة أمر النبي (ص) كما في حرب أحد ، أو لمصالح أخرى لا نعلمها.
١٤١ ـ (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ..) أي ليخلصهم من الذنوب حين تكون الدولة عليهم. أو المراد أنه تعالى يختبرهم بالبلاء ويغربلهم ليعرف المؤمن من غيره كما يختبر الذهب ليعرف الجيد من الرديء .. (وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) أي ينقصهم شيئا فشيئا حتى يفنيهم عن آخرهم بظهور الحجة عليهم فيظهر دينه على الأديان كلها. ونشير الى أن هذا الذيل تأويل للآية ، أما تنزيلها فهو ظاهرها.
* * *
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ