الله عليه وآله من علم الكتاب ما لم يجعله لهم ، وليقودهم الاضطرار الى الائتمار بمن ولّاه أمرهم. فاستكبروا عن طاعته تعززا وافتراء على الله عزوجل ، واغترارا بكثرة من ظاهرهم وعاونهم وعاند الله عز اسمه ، وعصا رسوله (ص) ..
٨ ـ (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) .. أي لا تجعلها تنحرف عما هي عليه من الفطرة الأولى والهداية الموهوبة من الهداة المهديين صلوات الله عليهم أجمعين. ومعنى إزاغة القلوب من الله سبحانه في هذه الآية وفي أمثالها كقوله : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ). ونسبة الإزاغة اليه عزوجل من قبيل الإضلال والإغراء وعدم جواز نسبتهما اليه ، تعالى الله عن ذلك. وقد أجاب الاعلام عن الآية بأجوبة ، مثل قولهم : لا تمنعنا ألطافك بعد أن لطفت بنا. أو : لا تخذلنا بسلب توفيقك وتأييدك عنا بسوء أعمالنا وأقوالنا. ولعل الحق في قول الشريف السيد المرتضى طاب ثراه فقد قال : إنّ من أصلنا ردّ المتشابه من الآي الى المحكم منها. وقد ذكرت حول موضوع الإزاغة آيات بعضها متشابه مثل ما نحن فيه ، وبعضها محكم مثل قوله تعالى : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ.) ولا بد من رد الآية التي نحن فيها الى هذه الآية. والمراد بالزيغ الأول منهم هو ميلهم عن الايمان والإسلام ، والثاني الذي كان منه سبحانه ، إنما كان عن طريق الجنة وثواب الآخرة. فالثاني غير الأول وإلّا لم يكن للكلام فائدة. وإن الأول قبيح إذ كان معصية. والثاني حسن لأنه جزاء وعقوبة. فيرتفع الاشكال بحمده تعالى وشكره.
هذا ما أفاده قدّس سره في المقام. ولكن إذا أمعنّا النظر نجد أنه لم يأت بما يشفي الغليل ، ولا يحسم النزاع ، لأن صرفه سبحانه لهم عن طريق الجنة والثواب مسبب عن عدم توفيقه تعالى لهم أن يدخلوا في الإسلام ، وسلب ألطافه عنهم دون غيرهم. وهنا يكمن الاشكال ...
والذي يختلج بالبال لرفع هذا الاشكال هو أن يقال : إن هذه هي