مُحْكَماتٌ) : أن المحكمات أمير المؤمنين والأئمة عليهمالسلام ، والمتشابهات (أعداؤهم) ولا ينافي هذا ما جاء في بقية التفاسير لأن للقرآن بطونا. (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) أي انحراف ، وهم الذين استحبوا العمى على الهدى ، وآثروا الضلالة على الهداية تبعا لأهوائهم ، فمالت قلوبهم عن نهج الحق وانحرفوا مع الباطل (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) أي يمضون مع أهوائهم السخيفة وآرائهم الرديئة ، ويؤوّلون تلك الآيات تأويلا باطلا (ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ) أي طلبا لا يجاد سبيل الى فتنة الناس عن دينهم ، وزرع الشكوك في عقيدتهم ، ليعرضوا عن طريق الحق والحقيقة (وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) أي طلبا لتفسير آياته بحسب ما يشتهون ، ووفق ميولهم الفاسدة تلبيسا على الآخرين وتشكيكا لهم ، وخلطا للحق مع الباطل ، وتلاعبا بالدين ، واستهزاء بالكتاب والسنة (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) أي الثابتون فيه. وعن الصادق عليهالسلام : نحن الراسخون في العلم. نحن نعلم تأويله ، أجل ، فهم باب مدينة علم الله وعلم رسوله ، لا غيرهم ممن ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون .. فالعالمون به يؤوّلونه بجزم وعن علم (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ) والجملة حال من الراسخين ، ويحتمل الخبرية لها إن جعلت مبتدأ ، والأول أولى في النظر. (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) أي مجموع المحكم والمتشابه من عنده سبحانه (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) أي ما يفكر بذلك ويؤمن به إلا أرباب العقول الصائبة والافهام المستقيمة والأذواق السليمة.
وذيل هذه الشريفة ثناء على الراسخين في العلم ومدح لهم. وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال في حديث : إنّ الله جلّ ذكره ، بسعة رحمته ورأفته بخلقه ، وعلمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كلامه ، قسّم كلامه ثلاثة أقسام : فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعرفه إلّا الله وأنبياؤه والراسخون في العلم. وإنما فعل ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله صلى