المحكمات بالنظر الى ذواتها (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) أي أصله ومعنى ذلك أنها المرجع في أخذ الأحكام وفيما يحتاج اليه الناس. وهذا لا يعني أن غيرهنّ من الآيات ليست بأصل ، فإن القرآن بحذافيره ، حتى الحرف الواحد منه ، أصل في مورده. فكيف بالمتشابهات التي تحتوي على المواضيع المهمة من الأحكام وغيرها ، تلك التي لا يعلمها إلّا الله تعالى وأهل بيت الوحي والرسالة لأنهم هم الراسخون في العلم الذين اختصهم الله بمعرفة الآيات المتشابهة وغيرها وعلّمهم علم التنزيل وعلم التأويل ، وفهّمهم الناسخ من المنسوخ. وأهل البيت أدرى بالذي فيه ، فكيف بهم وبيتهم مهبط الملائكة وهم معدن الرسالة؟ .. (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) إذا عرفت المحكمات فالمتشابهات غيرها لأن تعريف الأشياء يكون أحيانا بأضدادها. فالمتشابهات هي المحتملات للمعاني الكثيرة التي لا يكون المراد منها شيء خاص واضح ، مع أن المتدبرين المدققي النظر من الأعلام يجتهدون في استخلاص فوائد عديدة ومصالح كثيرة منها. بل يدركون مرادها ويفهمون المقصود منها ، ويستخرجون معانيها الحقيقية ، ويردونها الى آيات محكمات ذات درجات عالية حين معرفة المقصود منها. ولكن ليس لذلك بالحقيقة سوى أهل البيت الذين كان يلجأ الناس إليهم لبيان تأويل المتشابهات ، لئلا يقعوا في قول : «كفانا كتاب الله» كما قيل ذلك من دون روية وتدبّر ، لأن القرآن العظيم يحتوي على كثير من المتشابهات التي يستعصي فهمها وتوضيح المراد منها ، فلا يمكن أن يستغنى عمن عنده علم الكتاب كأهل البيت عليهمالسلام. ولذلك قال صلىاللهعليهوآله : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي إلخ .. الذين اقتضت حكمته تعالى أن يعلمهم لأنهم أولياؤه وأهل طاعته.
ومن المتشابهات يستنبطون تعيين وقت ظهور الحجة عجل الله تعالى فرجه مثلا ، وبيان أشراط الساعة التي تسبق يوم القيامة ، وأمثال ذلك من المهمات التي لا صلاح بإظهارها بالفعل لكافة الناس. وفي الكافي والعياشي ، عن الصادق عليهالسلام في تأويل قوله سبحانه : (مِنْهُ آياتٌ