وكمال عدتهم وكثرة عددهم بأولئك الملائكة الذين كانوا (مُنْزَلِينَ) من السماء لمساعدتكم. والاستفهام هنا للإنكار أن لا يكفيكم ذلك! أي : نعم يكفيكم. وقد جيء بلفظة : لن ، إشعارا بأنهم مع ضعفهم وقوة عدوهم كانوا يائسين من النصر.
١٢٥ ـ (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا ..) هذا ردّ على مضمون النفي في جملة : ألن يكفيكم ، وإيجاب لمنفي لن. أي : بلى يكفيكم بقيد ما قال سبحانه ، وهو : إن تصبروا (وَتَتَّقُوا) أي تثبتوا على ما يأمركم به النبي (ص) مع التزام التقوى في تجنب مخالفته (ص) لنصر الدين وعدم الفرار من الزحف (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ) الفور : هو العلو والرفعة. ويقال : فارت القدر أي غلت وارتفع ماؤها بقوة الحرارة بحيث يفيض ما فيها من جسم مائع على جوانبها. ويقال أيضا : فارت الفوارة أي علت ونزلت. فيحتمل قويا أن يكون معنى الشريفة : يأتوكم من فورهم : أي يهجم عليكم أعداؤكم من ناحية علوهم وارتفاعهم عليكم بقوة العدد والعدة ، وذلك كناية عن غلبتهم للمسلمين واستيلائهم على أسلابهم لو لم يكونوا مؤيدين بنصر الله. فحينئذ ، وفي (هذا) الزمان أو الوقت (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) سواء كانت نفس الملائكة التي نزلت ببدر مع إضافة ألفين جديدين أو غيرهم وفي العياشي عن الباقر عليهالسلام : أن الملائكة الذين نصروا محمدا صلىاللهعليهوآله يوم بدر ما صعدوا بعد ، ولا يصعدون حتى ينصروا صاحب هذا الأمر عجل الله تعالى فرجه.
وإنما جزنا عن اتّباع المفسرين في حملهم الفور على معناه المتعارف ، أي الفورية والسرعة التي هي ضد التراخي والامهال ، لأن ذلك لا يناسبه المقام لأن المسلمين إذا وقعوا في ناحية المغلوبية فإن النصر من الله وإمداده تعالى لهم لا بد وأن يجيئهم منه تعالى لطفا بهم ، لأن نصر المشركين على المسلمين فيه مفسدة عظيمة لأن فيه إفناء المسلمين والقضاء على الإسلام وإماتة الحق وإحياء الباطل ، ولا يرضى بذلك الشارع الأقدس أبدا. ويؤيدنا في ذلك حديث : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.