رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٧) رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩))
٧ ـ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) .. أي أن كتابك هذا منزل من عند الله. وتجد هذا المضمون وعلى هذا السياق تقريبا في كثير من الآيات ، وبالأخص في أوائل الحواميم ، وصدور الألف لام ميم. فمنها : حم ، تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ، وفي غيرها : تنزيل من الرحمن الرحيم ، وفي البعض : المر ، تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ، والباقي منها هو على هذه الوتيرة.
أما وجه التكرار لهذا المضمون ، بهذه الشدة وبالعبارات المختلفة ، فهو ردّ على الجحدة المنكرين لكون القرآن منزلا منه تعالى. وإثبات كونه من عند الله كان بمثابة من الأهمية ، لأنه إذا لم يثبت كون القرآن منزلا من الله فإنها لا تثبت رسالة محمد صلىاللهعليهوآله ، ولم يثبت دين الإسلام. فالقرآن هو المعجزة الخالدة المثبتة لرسالة النبي (ص) وإذا رد ردّت النبوة بلا شك. ولذا كان الكفار يحتالون في تحصيل مستمسك ينكرون به القرآن ، ويتشاورون ليلا ونهارا في نواديهم من أجل ذلك ، إذ لعله يحصل لهم طريق يطفئون به نور الله سبحانه ، ولكن الله متمّ نوره ولو كره الكافرون. فالاهتمام بالإثبات ، وتكراره مرارا ، هما معارضة بالمثل في مقابل مقالة النافين والمنكرين. فما تكرر في كتاب الله تعالى ، كان لمصلحة ولو خفيت علينا ، ولم يخل من مصلحة حتى يكون مستهجنا.
(مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) أي أن دلالتها تكون على المعنى المراد منها ، وما قصد منها يكون في غاية الظهور والصراحة عند ذوي الأفهام المستقيمة والعقول العارفة بالحقائق وموازين الكلام ، وعند سائر المبرّئين من فلتات الجهل وغواية الأهواء ، الذين حباهم الله بنور الايمان. وهذه الآيات