واحدة فائدة ليست في الأخرى على ما هو المبين عند أهله .. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) من كتبه وحججه وبراهينه الشرعية والعقلية ، وجحدوا أنها منزلة من عنده سبحانه ، وكانوا يحملون المعجزات وخوارق العادات على السحر والشعوذة وأخبار الكتب السماوية وحقائقها على الأساطير والأحلام. هؤلاء إذا ماتوا على كفرهم بلا توبة (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) بما جحدوا ، ولعدم توبتهم الى أن ماتوا مع تمامية الحجة عليهم (وَاللهُ عَزِيزٌ) غالب لا يقهر ، ولا يقدر أحد أن يمنعه من تعذيب الجاحدين ، وهو (ذُو انْتِقامٍ) يعاقب المجرم على جرمه دون أن يزيد أو ينقص إلا إذا شاء أن يعفو فينقص من العذاب رحمة منه وتفضلا.
٥ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ) .. أي أنه عالم بجميع ما من شأنه أن يعلم به في جميع عوالم الامكانية ، والتعبير عن ذلك بالأرض والسماء هو لأن القوى الحساسة البشرية نوعا لا تتجاوزهما ، ولا تنتقل عنهما الى غيرهما من الممكنات.
٦ ـ (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ) .. التصوير هو جعل الشيء على هيئة يكون عليها الشيء في التأليف والتركيب. فالصورة تدل على جعل جاعل وصنع صانع بديع في صنعه ، قدير في تدبيره وتقديره. يصوركم (فِي الْأَرْحامِ) والرحم هو العضو الذي يتكون فيه الجنين من الأم ، ويتربى فيه الى حين الولادة (كَيْفَ يَشاءُ) من حيث الكم والكيف ، وبحيث يمتاز كل من البشر عن الآخر ولو كانوا من أب وأمّ في رحم واحد مع أن أعضاء الإنسان معدودة محصورة ، وذلك بقدرته وحكمته الباهرة البارزة وأما الأسرار التي استودع في هذا المخلوق الذي يعبر عنه بأعجوبة الكون ، والفوائد التي تترتب عليه ، فكثيرة كبيرة لا يسع المقام البيان بعضها. وفي التشريح الجديد يظهر للعلماء ما يبهر عقولهم بدقيق صنعه وعجائب حكمته عزوجل. على أن ما وصلت اليه معرفة البشر الى يومنا هذا ، يحسب من آلاف الغرائب بل أقل ويكشف عما ذكرنا ، وقد قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو آية الله العظمى ، مخاطبا الإنسان :