ووصلت الهمزة بالمدغم لاستحالة النّطق بالساكن ، أي تدافعتم فدفع كلّ متّهم التّهمة عن نفسه (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) أي مظهره ومبرزه ، وكاشف عمّا تسرّون في أنفسكم من كتمان المعلومات.
٧٣ ـ (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) ... أي خذوا جزءا من البقرة التي ذبحتموها ، كذنبها أو فخذها أو لسانها ، ثم اضربوا القتيل به فإنه يحيا ويخبر بقاتله. وهكذا فعلوا ، فإنهم لما ضربوه قام بإذن الله وأوداجه تشخب دما وقال : قتلني ابن عمي ، ثم قبض وعاد إلى نومته. (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) أي يعيد لهم الحياة ، كما أحيا ميّتا بملاقاة ميّت آخر في الدنيا ، وكما يبعث الحياة في مخلوق يتلاقى فيه ماء صلب الرجل بماء ترائب المرأة ، وكما يلبس ثوب الحياة لكل مخلوق بنفس الطريقة ، ويخرج منه مثل نوعه ووفق نظام دقيق عجيب. أما في الآخرة فإن الله سبحانه ينزّل ـ بين نفختي الصور ـ من دوين السماء مطرا على الأرض ـ لعلّ فيه أرواح الموتى ـ فتنبت أجساد الخلائق ويعودون إلى الحياة للحساب. وقوله تعالى : (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) ، خطاب من سبحانه لمشركي قريش وغيرهم يبيّن فيه سهولة البعث. (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) دلائل قدرته وأعلام الدلالة على صدق محمّد (ص) (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تفكّرون وتستعملون عقولكم كيلا تكونوا كمن لا عقل له.
ولو قيل : لم لم يحي الله القتيل ابتداء وبدون هذه الوسيلة؟. قلنا : المصالح تخفى حقيقتها ، وإن كان ظهر منها : المعجزة النبويّة التي تتجلّى فيها قدرة الله جلّ وعلا ، ونفع الولد البارّ بأبيه ، وإظهار الحق بعد ظهور العناد ، وإحراز توبة المكابرين ، وجعل هذه القصة عبرة للمعتبرين بآيات الله من بني إسرائيل ومن المسلمين.
٧٤ ـ (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) ... ثم : لاستبعاد القسوة التي هي الصلابة وذهاب اللين والرحمة (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي بعد إحياء القتيل ، وبعد تلك الآية