الأجر والثواب (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) أي خافوني. وإياي منصوب بمضمر يفسّره المظهر ، وهذا آكد من قوله تعالى وتقدّس «فارهبوني» في إفادة التخصيص ، والرهبة خوف التحرّز. فعن القميّ : قال رجل للصادق عليهالسلام : يقول الله عزوجل : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ، وإنّا ندعو فلا يستجاب لنا. فقال عليهالسلام : إنكم لا تفون لله تعالى بعهده ، فإنه تعالى يقول : أوفوا بعهدي أوف بعهدكم. والله لو وفيتم لله بعهده لوفى لكم!
٤١ ـ (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً) ... صدّقوا بالقرآن الذي أنزلت على محمد (ص) فهو يصدّق كتبكم السماوية من التوراة والإنجيل وغيرهما ، ويطابقها جميعا في الدعوة إلى التوحيد والإقرار بمحمد (ص) والأمر بالعبادة وإطاعة المولى والنهي عن مخالفته (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) فهو يحذّرهم إنكار ما أنزل ، ويعرّض بهم خاصة ، لأنهم أهل كتب والواجب عليهم أن يكونوا أول المؤمنين به ، لكونهم عارفين به وبصفاته وبكيفية بعثته. قد قرءوها في كتبهم ، وأخبرهم بها أحبارهم ورهبانهم. فهذا الذي كان مترقّبا منهم ، لا أن يكونوا أول الكافرين به من أهل الكتاب فعلا ، إذ سبقهم إلى الكفر به مشركو قريش. وصدر الآية شاهد على أن الخطاب لأهل الكتاب. في تفسير الأمام عليهالسلام : أن هؤلاء هم يهود المدينة ، جحدوا نبوّة محمد (ص) وخانوه وقالوا : نحن نعلم أن محمدا نبيّ ، وأنّ عليّا وصيّ ، ولكن لست أنت ذاك ولا هذا ، ولكن يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمئة سنة!. (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) لا تستبدلوا حججي برئاسة دنيويّة موقّتة هي لكم في قومكم ، تنالون فيها الرّشى والتحف والهدايا على تحريف الحق وكتمانه. ففي المجمع عن الباقر عليهالسلام في هذه الآية : أن حيّ بن أخطب وكعب بن أشرف وآخرين من اليهود كان لهم مأكلة على اليهود في كل سنة فكرهوا بطلانها بأمر النبيّ (ص) ،