يؤثّران في الأسماء ، وهو أيضا محلّ تأمّل وإشكال.
(فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) أخبرهم بها فعرفوها بتطبيق الأسماء على المسمّيات ، وعلموا بأن المسؤول عنهم هم أفضل الخلائق وأقربهم إليه سبحانه ، وأنّهم المفضّلون عليهم وعلى سائر المخلوقات ، لمّا كان ذلك ، كشف الله تعالى للملائكة أن تفضيل آدم عليهم كان بسبب أنّ ذوي الأسماء هم من ولده. فاعترفوا بتفضيل جميع الأنبياء والأولياء عليهم ، وآمنوا بهم ، فقال تعالى (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أعرف مكنوناتها وأسرارها وجميع ما ستر فيها عن خلقي (وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) وأعرف ما تظهرون من ردّكم عليّ ، وما تخفون في ضمائركم بأنه ليس أحد أفضل منكم. والهمزة في قوله (ألم) للإنكار وإثبات المنفيّ. وقد دلّت الآيات الكريمة على شرف الإنسان وفضله الذي يناله بالعبودية الصحيحة ، وعلى توقّف الخلافة عليه ، وعلى أن آدم أفضل من الملائكة لأنه أعلم منهم ..
٣٤ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) ... أخذ سبحانه في بيان نعمة أخرى على بني آدم وفضيلة ثانية ، إذ أمر الملائكة بالسجود لأبيهم. والأمر ضمنا أمر اختبار للملائكة ، ليظهروا مضمرهم ، إذ كان إبليس من أعبد الملائكة في عصره ، وفسق عن أمر ربّه ، والله تعالى يعلم في سابق علمه أن إبليس يضمر المعصية.
والظرف في الآية عطف على الظّرف السابق (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ). وإذ : نصب بمضمر ، أي : اذكر يا محمد. بل العطف عطف قصة على قصة. والمأمورون هم الجميع لعموم اللّفظ ولقوله تعالى في مورد آخر : فسجد الملائكة كلّهم أجمعون إلا إبليس. فالتخصيص بطائفة منهم لا وجه له .. والسجود ، لغة : التذلل والخضوع ، وشرعا : وضع الجبهة على الأرض