المسمّيات ، معلّلا بأن تعليم الأسماء مرجعه إلى تعليم اللغة ، وهو لا يصلح لأن يتفاخر به على الملائكة. وهذا مما لا ينبغي أن يصدّق. مضافا إلى أن إطلاق قوله محلّ تأمّل لأن الأسماء على قسمين :
٨ ـ قسم منها له آثار وخواص مكنونة ، وبذلك صارت ذات شرافة وسموّ ، لأن شرافتها ذاتيّة (١). ولذا نرى أنه تعالى اختصّ ذاته القدسية بأسماء خاصة دون غيرها ، وآثر أولياءه بأسماء ، ثم أمرهم بأن يسموا أولادهم بها. تماما كما أمر نبيّه (ص) بأن يسمي سبطيه (ع) حسنا وحسينا ، وبنته الزهراء البتول : فاطمة (ع). وقد أمر الصادق (ع) بعض أصحابه بأن يغيّر اسم بنته ويسميها فاطمة ، لا لأنه اسم أمّه (ع) فقط ، بل لأنه لا بد أن يكون في الاسم خصوصيّة ذاتية. وكذلك الاسم الأعظم وأسماء الله الحسنى فإن فيها خواصّ وآثارا صارت بها ذات شرافة أو كانت فيها الشرافة الذاتية بمقتضى وضعها ، ولو لأنّ واضعها هو الله سبحانه بالمباشرة وهو الذي جعل فيها تلك الخواصّ والآثار.
فعلى التقديرين ، نرى أن تعليم وتعلّم هذه وأمثالها من الأسماء الشريفة المباركة ليس من باب تعليم وتعلّم اللغة فقط ، بل من أجل تعليم وتعلّم الأسرار المكنونة فيها ، والرموز المحتجبة المستورة عن البشر إلّا عن الأولياء ومن له أهليّة تعلّمها فالملائكة وأمثالهم من الروحانيين.
أما القسم الثاني من الأسماء المتعارفة ـ كزيد وأمثاله ـ فإن تعليمها تعلّم لغة ولا تصلح لشيء مما كنّا فيه. والقول بأن شرافة الأسماء اكتسابية من مسمّياتها قول يرجع لعدم الفرق بين الأسماء ، مع أنه لا شبهة بوجود الفرق بين الاسم الأعظم وأسماء الله الحسنى وبين هذين وسائر الأسماء. والقول بالإطلاق لا يعبأ به إلا كموجبة جزئية كأن يقال : إن حسن المسمّيات وقبحها
__________________
(١) نرى أن لبعض الأسماء شأنا في ذاته ، كما وقع كثير منها في مورد القسم واليمين في القرآن الكريم.