بأسماء هذه الأشباح التي ستتكوّن من آدم ـ وبعده ـ حال كونهم محدقين بعرشي ، وهم الذين خلقت الكون لأجلهم ، وخلقتهم لأجلي (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم بأنكم أولى بالخلافة في الأرض من آدم؟ (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) إذا أحسّوا بأنه تعالى كره جوابهم الذي جاء على مقتضى خلقهم وأنهم لا يعرفون إلّا ما علّمهم بعد خلقهم. فحصروا العلم بذاته القدسية ، واعترفوا بحكمته التي لا يدركونها ، وأكّدوا ذلك بصيغة المبالغة ، وتأدّبوا في إظهار جهلهم أمام (العليم) العارف (الحكيم) المتقن في أفعاله المصيب في أقواله.
٣٣ ـ (قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) ... أي أخبرهم بالأسماء ، وعرّفهم المسمّيات في مقاماتها الراقية ومنازلها السامية ، فكيف لا يعرفون تلك المسمّيات وهي في أعلى الدرجات من الكائنات؟ وكيف لا يعرف الناس إذا رأوا الملك وحاشيته ، أنّ من يحدق بالملك يمينا ويسارا هم إجمالا من أعيان المملكة ورجال الدولة وأقرب الناس إلى الملك؟. إنهم بعد تحصيل هذا العلم الإجمالي يحبّون أن يعرفوا أسماءهم ليميّزوهم تفصيلا فيسألون من يعرفهم فيقال مثلا : هذا الذي عن يمينه هو خليفته ، والذي عن يساره رئيس وزرائه ، والذي يليه وزير بلاطه وهكذا .. فمعرفة الأسماء هي المقدّمة في مثل هذه الحال وهي العمدة ، أمّا المسمّيات فتعرف بالقرائن. وما نحن فيه من هذا القبيل. والضمائر في الآية الكريمة معهودة ومعروفة عند الملائكة ، ولو لا ذلك لكان تعليم أسماء المسمّيات المجهولة غير ذي فائدة ، حتى مع الوعد بتعريفها فيما بعد. وليس المقام من هذا الباب. وأما التأويل بالمسمّيات والقول بالمجاز في الإسناد فتأويل بلا طائل ، والقول بالحقيقة أولى مهما أمكن. وغيره ـ فيما نحن فيه ـ على ما بيّناه لا يجوز.
وقد قال بعض أعاظم المفسّرين إن المراد بتعليم الأسماء هو تعليم