بمقالتهم آمنا. ولفظ (كان) للاستمرار. ويستفاد من الآية حرمة الكذب وأنه من الكبائر العظام التي وعد الله عليها النار (١). وغير حمزة وعاصم من القرّاء قرءوها بالتشديد أي لتكذيبهم الرسول (ص) بقلوبهم دائما ، وفي جميع أخباره ومقالاته.
١١ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) : بإظهار الشّقاق والنفاق بين المسلمين لتشويشهم في دينهم ، وإضلالهم في مذهبهم ، وإثارة الفتن والحروب بين المستضعفين بخداعهم ، فإن ذلك يؤدي إلى الفساد في الأرض. والقائل هو الله تعالى أو الرسول. (قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) أي ليس شأننا إلّا الإصلاح. وقد حصروا أمرهم في الإصلاح لتصوّرهم الفساد إصلاحا ، بل أرادوا أن يصوّروه إصلاحا لمرض قلوبهم.
١٢ ـ (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) .. ردّ لدعواهم الكاذبة. وقد بالغ في الرّد بألا المنبّهة على تحقيق ما بعدها ، وأن الذي وضع التأكيد مدخوله ، وتوسيط الفصل بتكرير الضمير والاستدراك (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) بكونهم مفسدين مع غاية ظهور فسادهم الذي هو كالشيء المحسوس ، ولكنّ حبّ الشيء يعمي ويصم.
١٣ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ : آمِنُوا) .. وقد نصحوا بأمرين مكمّلان لإيمان العبد ، الأول : ترك الرذائل في قوله سبحانه : ولا تفسدوا. والثاني : اكتساب الفضائل بقوله تعالى (آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ) ولفظة (ما) مصدريّة ، وجملة المشبّه به في محل نصب على المصدرية (آمنوا إيمان الناس) ولام الناس للعهد ، يراد به النبيّ (ص) ومن آمن من أصحابه الخلّص ، كسلمان وأبي ذر وعمار والمقداد
__________________
(١) أجيز الكذب في الشرع الإسلامي في ثلاثة موارد ، الأول : في الحرب ، كما قيل : الحرب خدعة. والثاني : في مقام الإصلاح بين نفرين أو أزيد ممن يكون بينهم نزاع وكراهة. والثالث : بين الزوج والزوجة لجذب كلّ واحد قلب الآخر وللتأليف بينهما.